للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يُنْكِرُونَ الْبَعْثَ؟ وَهُمْ يُشَاهِدُونَ مَا هُوَ أَعْظَمُ مما أنكروا، كما قال عزَّ وجلَّ: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ولكنَّ أَكْثَرَ الناس لَا يَعْلَمُونَ} ثُمَّ بيَّن أَنَّهُمْ خُلِقُوا مِنْ شَيْءٍ ضَعِيفٍ فَقَالَ: {إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَاّزِبٍ} قَالَ مجاهد وَالضَّحَّاكُ: هُوَ الْجَيِّدُ الَّذِي يَلْتَزِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وقال ابن عباس وعكرمة: هو اللزج الجيد، وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ الَّذِي يَلْزَقُ بِالْيَدِ، وَقَوْلُهُ عزَّ وجلَّ: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} أَيْ بَلْ عَجِبْتَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ تَكْذِيبِ هَؤُلَاءِ الْمُنْكِرِينَ لِلْبَعْثِ، وَأَنْتَ موقن مصدق بما أخبر الله تعالى مِنَ الْأَمْرِ الْعَجِيبِ، وَهُوَ إِعَادَةُ الْأَجْسَامِ بَعْدَ فَنَائِهَا، وَهُمْ بِخِلَافِ أَمْرِكَ مِنْ شِدَّةِ تَكْذِيبِهِمْ يَسْخَرُونَ مِمَّا تَقُولُ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ قَتَادَةُ: عَجِبَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَخِرَ ضُلَّالُ بَنِي آدَمَ، {وَإِذَا رَأَوْاْ آيَةً} أَيْ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى ذَلِكَ {يَسْتَسْخِرُونَ}، قَالَ مجاهد: يَسْتَهْزِئُونَ، {وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَاّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} أَيْ مَا هَذَا الَّذِي جِئْتَ بِهِ إِلَاّ سِحْرٌ مُّبِينٌ، {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَآؤُنَا الْأَوَّلُونَ}؟ يَسْتَبْعِدُونَ ذَلِكَ وَيُكَذِّبُونَ بِهِ {قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ}، أَيْ قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: نعم تبعثون يوم القيامة بعدما تَصِيرُونَ تُرَابًا وَعِظَامًا، {وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ} أَيْ حَقِيرُونَ تَحْتَ الْقُدْرَةِ الْعَظِيمَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ}، وقال تعالى: {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}، ثم قال جلت عظمته: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ} أي فإنما هُوَ أَمْرٌ وَاحِدٌ مِنَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، يدعوهم أَن يَخْرُجُواْ مِنَ الْأَرْضِ، فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ بَيْنَ يَدَيْهِ يَنْظُرُونَ إِلَى أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>