بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
- ١ - أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ
- ٢ - وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ
- ٣ - الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ
- ٤ - وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ
- ٥ - فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً
- ٦ - إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا
- ٧ - فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ
- ٨ - وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ
يَقُولُ تَعَالَى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} يعني قد شَرَحْنَا لَكَ صَدْرَكَ أَيْ نَوَّرْنَاهُ، وَجَعَلْنَاهُ فَسِيحًا رَحِيبًا وَاسِعًا كَقَوْلِهِ: {فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صدره للإسلام}، وَكَمَا شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ كَذَلِكَ جَعَلَ شَرْعَهُ فسيحاً سَمْحًا سَهْلًا، لَا حَرَجَ فِيهِ وَلَا إِصْرَ وَلَا ضِيقَ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} شرح صدره ليلة الإسراء، وهذا وإن كان واقعاً ليلة الإسراء، وَلَكِنْ لَا مُنَافَاةَ، فَإِنَّ مِنْ جُمْلَةِ شَرْحِ صدره الحسي الشرح المعنوي أيضاً، وقوله تعالى: {وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ} بِمَعْنَى {لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وما تأخر}، {الذي أَنقَضَ ظَهْرَكَ} الإنقاض الصوت أي أثقلك حمله، وقوله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} قَالَ مُجَاهِدٌ: لَا أُذْكَرُ إِلَّا ذُكِرْتَ مَعِي «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ»، وَقَالَ قَتَادَةُ: رَفَعَ اللَّهُ ذِكْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَلَيْسَ خَطِيبٌ وَلَا مُتَشَهِّدٌ وَلَا صَاحِبُ صَلَاةٍ إِلَّا يُنَادِي بِهَا، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، روى ابن جرير عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ رَبِّي وَرَبَّكَ يَقُولُ: كَيْفَ رَفَعْتُ ذِكْرَكَ؟ قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «إِذَا ذكرتُ ذكرتَ معي» (رواه ابن جرير). وَحَكَى الْبَغَوِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّ المراد بذلك الأذان، يعني ذكره فيه، كما قال حسان بن ثابت:
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه * إذ قَالَ فِي الْخَمْسِ الْمُؤَذِّنُ أَشْهَدُ
وَشَقَّ لَهُ مِنِ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ * فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ
وَقَالَ آخَرُونَ: رَفَعَ اللَّهُ ذِكْرَهُ فِي الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ، وَنَوَّهَ بِهِ حِينَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ، وَأَنْ يَأْمُرُوا أُممهم بِالْإِيمَانِ بِهِ، ثُمَّ شَهَرَ ذِكْرَهُ فِي أُمَّتِهِ، فَلَا يُذْكَرُ اللَّهُ إِلَّا ذُكِرَ معه.