للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - حَدِيث عُرْوَة: قلت لعبد الله بن عَمْرو مَا أَكثر مَا رَأَيْت قُرَيْش نَالَتْ من رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا كَانَت تظهر من عدواته، فَقَالَ حَضرتهمْ وَقد اجْتمع أَشْرَافهم يَوْمًا فِي الْحجر فَذكر رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: مَا رَأينَا مثل مَا صَبرنَا عَلَيْهِ من هَذَا الرجل سفه أَحْلَامنَا وَشتم آبَاءَنَا وَعَابَ ديننَا وَفرق جماعتنا وَسَب آلِهَتنَا، وَلَقَد صَبرنَا مِنْهُ عَلَى أَمر عَظِيم - أَو كَمَا قَالُوا - فَبَيْنَمَا هم فِي ذَلِك إِذْ طلع عَلَيْهِم رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأقبل يمشي حَتَّى اسْتَلم الرُّكْن ثمَّ مر بهم طَائِفًا بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا مر بهم غَمَزُوهُ بِبَعْض القَوْل قَالَ فَعرفت ذَلِك فِي وَجه رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ مَضَى، فَلَمَّا مر الثَّانِيَة غَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا فَعرفت ذَلِك فِي وَجهه عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ مَضَى، فَمر بهم الثَّالِثَة فَغَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا حَتَّى وقف ثمَّ قَالَ "أتسمعون يَا معشر قُرَيْش: أما وَالَّذِي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِهِ فقد جِئتُكُمْ بِالذبْحِ" قَالَ فَأَطْرَقَ الْقَوْم حَتَّى مَا مِنْهُم رجل إِلَّا كَأَنَّمَا عَلَى رَأسه طَائِر وَاقع، حَتَّى أَن أَشَّدهم فِيهِ وَطْأَة قبل ذَلِك ليرفؤه بِأَحْسَن مَا يجد من القَوْل، حَتَّى إِنَّه ليقول: انْصَرف يَا أَبَا الْقَاسِم راشدا فوَاللَّه مَا كنت جهولا. قَالَ: فَانْصَرف رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِذا كَانَ من الْغَد اجْتَمعُوا فِي الْحجر وَأَنا مَعَهم فَقَالَ بَعضهم لبَعض: ذكرْتُمْ مَا بلغ مِنْكُم وَمَا بَلغَكُمْ عَنهُ حَتَّى إِذا بادأكم بِمَا تَكْرَهُونَ تَرَكْتُمُوهُ، فَبَيْنَمَا هم فِي ذَلِك إِذْ طلع رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوَثَبُوا إِلَيْهِ وثبة رجل وَاحِد فأحاطوا بِهِ يَقُولُونَ: أَنْت الَّذِي تَقول كَذَا؟ أَنْت الَّذِي تَقول كَذَا؟ لما كَانَ قد بَلغهُمْ من عيب آلِهَتهم وَدينهمْ، قَالَ: فَيَقُول رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم «نعم أَنا الَّذِي أَقُول ذَلِك» قَالَ: فَلَقَد رَأَيْت رجل مِنْهُم أَخذ بِمَجَامِع رِدَائه قَالَ: وَقَامَ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ دونه يَقُول - وَهُوَ يبكي - وَيْلكُمْ أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول رَبِّي الله؟ ثمَّ انصرفوا عَنهُ وَإِن ذَلِك لأشد مَا رَأَيْت قُريْشًا بلغت مِنْهُ.

أخرجه بِطُولِهِ البُخَارِيّ مُخْتَصرا وَابْن حبَان بِتَمَامِهِ.

<<  <   >  >>