إنه لجدير بكل مسلم يجل كتاب ربه ويعظمه أن يصونه عن اللحن والتحريف، ويكون لسانه رطباً به في كل وقت وحين، وفق الكيفية التي أمر الله أن يتلى بها وحض عليها رسوله صلى الله عليه وسلم، وتناقلتها الأمة جيلاً بعد جيل حتى وصلت إلينا محاطة بالرعاية، متصلة بالأسانيد.
فمتى ما قرئ القرآن مجوداً مصححاً كما أنزل تلذذت الأسماع بتلاوته، وخشعت القلوب عند قراءته ولو لم يكن القارئ من أصحاب المقامات والتطريب، ومتى اختلت موازين الحروف لم يقم النغم والتطريب مقامها، بل لا يحسن الصوت حقيقة مع الإخلال بشيء من قواعد التجويد والتلاوة.
فحسن الصوت شيء زائد عن أحكام التلاوة وقواعدها وهبة من الله لمن شاء من خلقه وهو حسن بشروطه وليس هذا محل بحثه.
ولئن وقف أبناء اللغة العربية البررة مع لغتهم وتعاهدوها ورعوها حق رعايتها مما لم تعهده لغة أخرى في روايتها وترتيب قواعدها واستقصاء أصولها وإحصاء مفرداتها واستيعاب الشواهد عليها وضبط كلماتها وموازينها وبيان الفروق اللغوية بين مترادفاتها، وتحقيق المعرب من الدخيل محتسبين الأجر في ذلك لأنها لغة القرآن.
فحري بأهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته والمصطفون من خلقه أن يذودوا عن حمى القرآن وأن لا يتركوه لعبث العابثين وتأويل الجاهلين فكما هم مطالبون بالحفاظ على حروفه وحدوده هم مطالبون بالحفاظ على معانيه ومبانيه والكيفية التي تؤدى بها تلك الحروف لأنها أكمل الكيفيات وأتم الهيئات وبتطبيقها تنال أعلى الدرجات في الحياة وبعد الممات.
وإنه من فضل الله على هذه البلاد المملكة العربية السعودية أنه لا زال ولاة الأمر فيها قائمين بالحفاظ على كتاب الله وتجويده في كل المناسبات الخاصة منها والعامة.