وأهل طبرستان لا يتزوّج الرّجل الجارية منهنّ حتّى يستبطن بها حولاً محرّماً ثمّ يقدم بها فيخطبها إلى أهلها ويتزوّجها، ثمّ يزعمون مع ذلك أنّه يجدها بكراً، وقد عانقها في إزارٍ واحدٍ سنةً كاملةً وهو لا يستبطن بها، ويحتمل وحشة الاغتراب، وانقطاع الأسباب. وإنّ من أعجب العجب أن يمكثا متعانقين في لحافٍ واحدٍ يحتجران عن ألّذ الأمور تكرّماً. وهذا التّكرّم عند علوج طبرستان من العجائب.
قال معاوية، رضي الله عنه: ثلاث خصالٍ من السّؤدد، الصّلع، واندماج البطن، وترك الإفراط في الغيرة.
ولمّا نزل قيس بن زهير ببعض العرب قال لهم: أنّي غيورٌ، وأنا فخورٌ، وأنا أنفٌ، ولكن لا أغار حتّى أرى، ولا أفخر حتّى افعل، ولا آنف حتّى أضام. فعابوه بقوله لا أغار حتّى أرى ويظنّ به إنّما عني رؤية السّبب لا رؤية المرافقة.
وعابوا معاوية أيضاً بقوله هذا ونسبوه إلى قلّة الغيرة وما أرى في قوله وترك الإفراط في الغيرة عيباً لأنّ الإفراط المجاوز للحقّ ولمقدار المصلحة وظلم الخليلة العفيفة والحرمة الكريمة غير لائقٍ.