قال شيخنا الإمام العلامة، مفتي الإسلام، قدوة العلماء، شيخ المحدثين، الحافظ المفسر، بقية السلف الصالحين، عماد الدين، أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الشافعي، إمام أئمة الحديث والتفسير بالشام المحروس، فسح الله للإسلام والمسلمين في أيامه، وبلغه في الدارين قصده ومرامه: الحمد لله، والسلام على عباده الذين اصطفى.
" أما بعد ": فإن علم الحديث النبوي - على قائله أفضل الصلاة والسلام - قد اعتنى بالكلام فيه جماعة من الحفاظ قديماً وحديثاً، كالحاكم والخطيب، ومن قبلهما من الأئمة، ومن بعدهما من حفاظ الأمة.
ولما كان من أهم العلوم وأنفعها أحببت أن أعلق فيه مختصراً نافعاً جامعاً لمقاصد الفوائد، ومانعاً من مشكلات المسائل الفرائد. وكان الكتاب الذي اعتنى بتهذيبه الشيخ الإمام العلامة، أبو عمر بن الصلاح تغمده الله برحمته - من مشاهير المصنفات في ذلك بين الطلبة لهذا الشأن، وربما عُني بحفظه بعض المهرة من الشبان، سلكت وراءه، واحتذيت حذاءه، واختصرت ما بسطه، ونظمت ما فرطه. وقد ذكر من أنواع الحديث خمسة وستين، وتبع في ذلك الحاكم أبا عبد الله الحافظ النيسابوري شيخ المحدثين. وأنا - بعون الله - أذكر جميع ذلك، مع ما أضيف إليه من الفوائد الملتقطة من كتاب الحافظ الكبير أبي بكر البيهقي، المسمى " بالمدخل إلى كتاب السنن ". وقد اختصرته أيضاً نحو من هذا النمط، من غير وكس ولا شطط، والله المستعان، وعليه الاتكال.