للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذا الفعل نار غيرته وغيرة غيره في المستقبل، قد يكون في المستقبل القريب دون البعيد؛ لهذا أحث أخواني الدعاة على استعمال الحكمة والتأني، والأمر وإن تأخر قليلاً لكن العاقبة حميدة بمشيئة الله تعالى.

وإذا كان هذا أعني تزود الداعية بالعلم الصحيح المبني على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم، هو مدلول النصوص الشرعية فإنه كذلك مدلول العقول الصريحة التي ليس فيها شبهات ولا شهوات، لأنك كيف تدعو إلى الله ـ عز وجل ـ وأنت لا تعلم الطريق الموصل إليه، لا تعلم شريعته كيف يصح أن تكون داعية؟!

فإذا لم يكن الإنسان ذا علم فإن الأولى به أن يتعلم أولاً، ثم يدعو ثانياً.

قد يقول قائل: هل قولك هذا يعارض قول النبي صلى الله عليه وسلّم: «بلغوا عني ولو آية» . (١)

فالجواب: لا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلّم، يقول: «بلغوا عني» إذاً فلابد أن يكون ما نبلغه قد صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، هذا هو ما نريده، ولسنا عندما نقول إن الداعية محتاج إلى العلم لسنا نقول إنه لابد أن يبلغ شوطاً بعيداً في العلم، ولكننا نقول لا يدعو إلا بما يعلم فقط ولا يتكلم بما لا يعلم.

* الزاد الثاني: أن يكون الداعية صابراً على دعوته، صابراً على ما يدعو إليه، صابراً على ما يعترض دعوته، صابراً على ما يعترضه هو من الأذى.

أن يكون صابراً على الدعوة أي مثابراً عليها لا يقطعها ولا يمل، بل يكون مستمراً في دعوته إلى الله بقدر المستطاع وفي المجالات التي تكون الدعوة فيها أنفع وأولى وأبلغ، وليصبر على الدعوة ولا يمل، فإن الإنسان إذا طرقه الملل استحسر وترك، ولكن إذا كان مثابراً على دعوته فإنه ينال أجر الصابرين من وجه، وتكون له العاقبة من وجه آخر، واستمع إلى قول الله عز وجل مخاطباً نبيه: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} . (هود: ٤٩) .


(١) أخرجه البخاري كتاب احاديث الانبياء باب ما ذكر عن بني اسرائيل (٣٤٦١)

<<  <   >  >>