وقال سبحانه:(وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا)[سورة الفرقان: ٢] ، وقال عن نبيِّه إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - أنه قال لقومه:(وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)[سورة الصافات: ٩٦] .
والإيمان بالقدر - على ما وصفنا - لا ينافي أن يكون للعبد مشيئة في أفعاله الاختيارية، وقدرة عليها؛ لأن الشرع والواقع دالان على إثبات ذلك له.
أما الشرع: فقد قال الله تعالى في المشيئة: (فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا)[سورة النبأ: ٣٩] ، وقال:(فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)[سورة البقرة: ٢٢٣] ، وقال في القدرة:(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا)[سورة التغابن: ١٦] ، وقال:(لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ)[سورة البقرة: ٢٨٦] .
وأما الواقع: فإن كل إنسان يعلم أن له مشيئة
وقدرة، بهما يفعل، وبهما يترك، ويفرق بين ما يقع بإرادته كالمشي، وما يقع بغير إرادته كالارتعاش، لكنَّ مشيئة العبد، وقدرته واقعتان بمشيئة الله تعالى، وقدرته لقول الله تعالى:(لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)[سورة التكوير: ٢٨، ٢٩] ، ولأن الكون كله ملك لله تعالى؛ فلا يكون في ملكه شيء بدون علمه ومشيئته.
والإيمان بالقدر - على ما وصفنا - لا يمنح العبد حجة على ما ترك من الواجبات، أو فعل من المعاصي، وعلى هذا؛ فاحتجاجه به باطل من وجوه: