للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الآسيوي، إلى الاهتمام بمشكلات القوة، أكثر من مشكلات البقاء، أي إلى الإنحراف ذاته الذي نؤاخذ عليه قادة السياسة على المحور الشمالي، الذين يكادون في كل لحظة يدفعون الإنسانية إلى كارثة عالية.

وهذا الإنحراف يسبب بالتالي تحويلاً للطاقات الاجتماعية وصرفها إلى القضايا الشكلية على حساب القضايا الحيوية، فيضيع هكذا الوقت الثمين الذي أصبح المادة الأولية في تنمية أي مجتمع، وخاصة إذا كان المجتمع في نقطة الإنطلاق، وتضيع بالتالي الحلول المناسبة لطبيعة المشكلات التي يواجهها اليوم الإنسان الأفروسيوي على المحور الجنوبي، أعني الحلول التي تحقق وحدها كيان ومصير هذا الإنسان ورسالته في العالم.

فلو كان لنا أو علينا، بموجب هذه الملاحظة، أن نعيد النظرة في الموضوع، لرجعنا مرة أخرى إلى كراسة زائر السماء، إلى ملاحظاته الوصفية، أي المجردة من كل تعليل، لنعطيها هذه المرة ما تستحق من التعليل في نطاق القوانين الاجتماعية.

إن هذه الملاحظة أعطتنا صورة صحيحة للإنسان، الذي يعيش اليوم على محور طنجة جاكرتا، ولكنها لم تعطنا معنى الواقع الذي يتجلى في هذه الصورة، بالكيفية التي تتيح لنا معالجته بطريقة منهجية وعلى أعلى مستوى، أي في نطاق التضامن الإفريقي الآسيوي في أقصى معناه.

فلا جدوى أن نذكر مرة أخرى ملاحظات زائر السماء، ولكن فلنتصرف في معناها في ضوء التاريخ وعلم الاجتماع.

فنحن نرى أولا أن هناك مشكلة خاصة للإنسان الإفريقي الآسيوي بالذات، أي مشكلة تخصه دون غيره من البشر في القرن العشرين، لأن المشكلات التي تواجه المجتمعات الأخرى سواء في أوربا أو في أمريكا تحدها حدود الدولة، ويمكن حلها في نطاقها، بينما المشكلة التي نضعها هنا موضوع الدراسة

<<  <   >  >>