إنني لم آت لأحاضركم، وإنما لأتحدث معكم، فإن المحاضرة تتطلب مني التهيؤ
لها والاستعداد، وكرم الاستاذ محمد عمر الداعوق قد حرمني هذا كله، فهو قد أخذني منذ أمس ولم يسلمني إلى نفسي إلا منذ قليل.
لقد كنت الآن في القاعة التي أنتظر فيها موعد الحديث، أستمع إلى أحد إخواننا المهندسين وكان يدرس في جنيف. ولقد استفدت من حديثه إذ أتاح لي أن أستيقن من ظاهرة نعيشها اليوم، وهي ظاهرة النهضة العربية في مختلف المجالات حتى في مجال الفن المعماري، والفن المعماري لا شك يتصل كبقية الفنون بأرواحنا وقلوبنا. ولقد عبرت عن إعجابي بما شاهدته من نموذج جديد لصورة المنبر في المساجد التي أشرف على بنائها الأخ المهندس.
غير أني شعرت في أثناء حديثه أنه يواجه مشكلات، وخاصة مشكلة يعبر
عنها بالرموز، لأنه مؤدب ويتحاشى إن أفصح القول أن يسيئنا فقال: ليت لنا هيئات علمية أو معاهد فنية تقوم بنشر ما نعده اليوم تجديداً لثورتنا الفنية. وهكذا في كل خطوة من خطواتنا في طريق الحياة نرى أنه تواجهنا مشكلات، وتعلق على رؤوسنا عدداً عديداً من نقط الاستفهام والألغاز، تحثنا للجواب عليها. وأحياناً نجد أنفسنا مضطرين إلى الاعتراف بأننا لا نجيد التصرف بها أو توجيه إمكانياتنا التوجيه المناسب لحلها. فالمشكلة بالنسبة لكل عربي يعيش هذه المرحلة الخطيرة التي نسميها النهضة العربية، والتي- والحمد لله- أصبحت رايتها مرفوعة في كثير من البلدان العربية وفي مقدمتها الجمهورية العربية المتحدة، أقول إن المشكلة بالنسبة لكل فرد عربي يعيش هذه المرحلة الخطيرة، أن يحاول فهم الصعوبات التي تواجهنا في صورة مشكلات متنوعة سواء في ناحية الإقتصاد أو الثقافة، وبعبارة أخرى أن يصوغ حياته صياغة جديدة تطابق حاجاته وما يحس به.
إن الأخ المهندس حينما عبر عن هذه المشكلة عبر عن حالة نفسية يمكن أن نسميها