بأنها قلق؛ والحمد لله فقد أصبحت نفوسنا تشعر بهذا القلق، لأنه هو علأمة الحياة الأولى، هو علأمة الولادة الجديدة، إن الطفل يستبشر أهله بولادته ولادة سليمة حينما يبكي.
فنحن إذ يعترينا القلق في حياتنا نشعر بأنا قد ولدنا ولادة جديدة، فقد
عشنا قروناً طويلة لا نشعر فيها بأي قلق. فحياة جدي رحمه الله كان يحتويها جو من الطمائينة، فقد كان رجلاً فاضلاً مؤمنا يقوم بواجباته مسما، ولكنه لا يشعر في يوم من الأيام بوجود مشكلة في حياته. ثم أتى من بعده جيل هو جيل أبي فبدأت المشكلات تواجهه رويداً رويداً وبدأ يشعر شيئاً ما بالقلق. ثم أتى جيلنا فتعلقت على رأسه آلاف من المشكلات ونقط الاستفهام ملحة للجواب عليها، ملحة لدراستها لأنها تتصل بجوهر الحياة، بجوهر كياننا. فمثلا الآن وأنا أحدثكم أشعر بأن هناك مشكلة قائمة تنصب على رأسي نقطة استفهام خطيرة، نقطة استفهام حمراء، وهي مثلاً الثورة الجزائرية. لأنني بالطبع أفكر في هذا وأرجو من الله أن يحلها. ثم أرى مشكلة أخرى قريبة من مشكلة الثورة الجزائرية وهي مشكلة فلسطين، فهي أيضاً تمس حياتي في الصميم بصفتي مواطناً عربياً وبصفتي مسلماً، ثم إنى أرى مشكلة أخرى تواجهني حينما أقرأ في صحيفة عن قضية برلين، فهذه المشكلة وإن كانت بعيدة عني ظاهراً فإنها تمس حياتي من جانب آخر وفي مستوى آخر طبعاً، إذ أن هذه المشكلة إذا لم تحل حلاً سلمياً تورطنا نحن مع بعدنا عن برلين وواشنطن وجنيف وموسكو، تورطنا في ساحة المعركة، لأن القنبلة الذرية الأولى إذا انفجرت فإن وراءها سلسلة من القنابل الذرية والصواريخ الموجهة، تستطيع القضاء على كيان البشرية.
فأنا إذن تواجهني المشاكل كل يوم في صور مختلفة، غير أني إذا رتبتها ترتيبا منطقياً لأعرف أي قيمة أعطي لكل نوع منها، فإنني أرى أن هذه المشكلات تترتب في فصلين: مشكلة تهمني بصفتي مواطناً عربياً، ومشكلات أخرى تواجهني بصفتي إنساناً يعيش في مجتمع أوسع من المجتمع العربي والإسلامي، إنه