ومن ناحية أخرى فالموضوع الذي تطرقه هذه المحاضرات يتصل بجانب من مشكلات الاتصال، أي المشكلات المشتركة بين الشعوب الإسلامية التي خصصنا لها دراسة سابقة (١).
فالجانب الذي نعنيه هنا يخص صياغة الشخصية الإسلامية حتى تفي بصورة موحدة بمسؤوليات المسلم في العالم، وهذا يعني توحيد النماذج التي تمثل المسلم اليوم، النماذج التي يمثل بعضها الرجل الذي لم تكيفه حضارة ولا زال على فطرته، مثل الملايين من المسلمين الذين يعيشون في إفريقيا السوداء، ويمثل بعضها الرجل الذي مرّ بدور حضارة وتبقت في نفسه رواسب انحلال حضارة، أي الفريقين اللذين يعيشأن على طرفي التطور الاجتماعي التاريخي، لأن الواحد يعيش في عهد ما قبل الحضارة والآخر في عهد ما بعد الحضارة.
فإذا لاحظنا البعد النفسي بين هذين الرجلين، أدركنا الصعوبات التي لا تجعل من اليسير توحيدهما في مشروع حضاري واحد، أي أن نحدد لهما مسؤوليات موحدة في العالم.
فهذه الصعوبات هي التي يجب أن يتغلب عليها مشروع ديمقراطي إسلامي جديد، يقوّم المسلم تقويما جديداً، فيضع في ضميره من جديد الشعور بالتكريم الذي أودعه فيه الله يوم خلق آدم، ويضعه هكذا في الطريق نحو الحضارة.
أما المحاضرة الخامسة فإنها تتناول موضوع (التضامن الإفريقي الآسيوي)، فبأي شيء تدخل هذه المحاضرة في نطاق المحاضرات السابقة وبأي شيء ترتبط بها؟
إننا قدمنا في دراسة سابقة (٢) أن للمسلم مسؤوليات في هذا العالم، وأن حضوره في الأحداث الكبرى التي تطرؤ فيه من الضرورات الملازمة لمسؤولياته.