فأي دراسة تستهدف توضيح الشروط التي يقتضيها بناء المسلم وتحديد دوره، لابد أن تهتم بالمجالات المختلفة التي يجري فيها هذا الدور، سواء في ميدان السياسة أم الإقتصاد أم الأخلاق.
فالمجال الذي حددته فكرة باندونج هو أحد هذه المجالات التي يرتبط بها حضور المسلم، أي أنه مجال لإلقاء القيم الإسلامية في معركة القرن العشرين، ولإقحام رسالة المسلم في هذه المعركة الكبرى التي ستحدد مصير الإنسانية ومستقبلها.
ولكن لهذا المجال معطياته الخاصة، لا يمكن للمسلم أن يقوم بدوره فيه دون معرفة هذه المعطيات، التي تتضمن بالنسبة إلى مئات ملايين البشر، التي تمشي اليوم تحت لواء (التضامن الإفريقي الآسيوي)، معوقات رجل الفطرة الذي لم يدخل بعد في دورة حضارة، ورواسب الإنسان الذي خرج منها وسلبته الأيام، في الهند أو في الصين أو في البلاد العربية، مقومات حضارة اندثرت.
وبما أن لهذه المعوقات ولهذه الرواسب أثراً سلبياً في صورة مركبات، تتعارض مع مقتضيات حضارة جديدة، لذلك يجب أن تدرس هذه المعطيات دراسة واقعية، وقد حاولنا أن ندرسها في هذه المحاضرة كي يعلم الشاب المسلم نصيبه من هذه المعوقات وهذه الرواسب، ونصيبه في مسؤولية التخلص منها، ضمن القوى التي تجمع جهودها في العالم للتخلص من الإستعمار، ولمناصرة الإنسانية في معركة السلام والحضارة.
فالمحاضرة الخامسة هي محاولة لإجلاء حقيقة (التضامن الإفريقي الآسيوي) بوصفه مجالاً جديداً لإلقاء القيم الإسلامية ولامتداد رسالة المسلم فيه.