الصلات الثقافية في المجتمع وتخلق الفرد الفعال؟ وبهذه الصيغة الجديدة للسؤال الذي صدرت به الحديث أدخل إلى الموضوع.
لاشك أننا لاحظنا في أثناء الحديث أن الثقافة ليست مجرد علم يتعلمه الإنسان في المدارس ويطالعه في الكتب، فإن الصورة الثانية التي أوردناها أظهرت اختلافاً في السلوك لا في المعرفة .. والملاحظة تفرض علينا هنا أن نقدر هذا السلوك بوصفه نتيجة للوسط الذي تتكون فيه شخصية الفرد، ومن الطبيعي أن الوسط اليهودي في الجزائر يختلف عن الوسط العربي في هذا البلد، يختلف عنه بعاداته وأذواقه وأوضاعه النفسية والخلقية الخاصة به. ونحن إذا عددنا هذه العوامل هي التي تؤثر في تكوين الشخصية، لأنها تكون الجو العام الذي يحدد دوافع الفرد وانفعالاته، وصلاته بالناس والأشياء، فإننا نكون بهذا عرفنا الثقافة على أنها ذلك الجو المتكون من عادات وتقاليد وأذواق. وإذا نحن قد حللنا شيئاً ما هذه الكلمات فإننا- مع اعتبارنا لكل ما يطبع الشخصية في ظاهرها وباطنها- نقول بالتالي: إن الثقافة هي الجو المشتمل على أشياء ظاهرة، مثل الأوزان والألحان والحركات وعلى أشياء باطنة كالأذواق والعادات والتقاليد. بمعنى أنها الجو العام الذي يطبع أسلوب الحياة في مجتمع معين وسلوك الفرد فيه بطابع خاص، يختلف عن الطابع الذي نجده في حياة مجتمع آخر.
هذا هو معنى الثقافة، غير أن تحديدنا لها على هذه الصورة يجعلها في صورة غير مركبة. أعني في صورة لا تعطي أي فكرة عن تطبيقها في حين أن الغرض من الجهد الذي نبذله في موضوع كهذا، ليس هو مجرد المعرفة لمفهوم من الفاهيم ولكن من أجل تحقيقه في مجتمعنا. وإذن فلا بد لنا من أن نصنف عناصر الثقافة الذي ذكرناها من عادات، وتقاليد، وأذواق الخ .. تصنيفاً ينتهي إلى تطبيقه، كما يجب أن تنتهي كل عملية تحليلية ضرورية لفهم الأشياء، إلى عملية تركيبية ضرورية لتحقيق هذه الأشياء.