معينة. وهذا ليس بالحل الصحيح الجذري الذي يقتلع المرض من جذوره.
فلو أنني استخدت طريقة رد الفعل في حل المشكلات فقلت الفقر علاجه الغنى، فإن النظرة الفاحصة تكشف عن فساد القياس. ذلك لأننا لو نظرنا إلى العالم الإسلامي وحددنا إمكانياته المالية والإقتصادية، فهل نراه يتصرف طبقاً لإمكانياته أو دون ذلك؟ إنه لاشك يتصرف دون إمكانياته بكثير. وحتى أدلل لكم على ذلك أقص لكم هذه القصة: فقد كنت ذات يوم أتناقش مع أحد أصدقائي في مدينة تبسة، فقال لي نحن فقراء، فأجبته ليس الفقر فينا بل أشياء أخرى أجل من الفقر وأعظم. وقد كان هذا في معرض الحديث عن ميزانية مدرسة في المدينة لجمعية العلماء الجزائريين، كان يقوم على أمرها ويبذل من جهوده وإمكانياته في سبيلها الشيء الكثير، لأن المجتمع لا يؤدي الواجب عليه نحو هذا المعهد.
فسألته عن ميزانية المدرسة فقال إنها ٦٠٠ ألف فرنك، والمجتمع فقير لا يستطيع تسديد هذا المبلغ، وهو مبلغ زهيد، فقلت له إن المجتمع ليس بفقير ولكن به مرض اجتماعي آخر.
وإن شئت التأكد من صحة هذا القول فاخرج معي إلى المدينة لنقف على مبلغ فقر الشعب.
فخرجنا وبعد جولة قصيرة وجدنا في تلك الليلة قاعتي سينما ومسرحاً للحيوانات وكان زيادة على ذلك زبائن الخمارات، فقدرنا مصاريف تلك الليلة بـ ٢٥٠ ألف فرنك. أي أكثر من ربع ميزانية سنة لمشروع خيري. فالقضية إذن ليست قضية فقر ولكن عدم شعور بالمسؤولية.
فالمجتمع الإسلامي عندنا لم يشعر بعد بمسؤوليته، وهناك أمثلة كثيرة تؤكد هذه الحقيقة.