للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فحينما نراجع مأساة فلسطين فإن لها بالنسبة للعرب دلالة وبالنسبة لليهود دلالة أخرى.

أما بالنسبة لليهود فقد كان اليهودي يؤدي واجبه منذ سنة ١٩٣٢. فاليهود عندنا في الجزائر كانوا يؤدون ضريبة يومية لقضية فلسطين، وللأسف فقد أشركوا معهم بعض المسلمين من حيث لا يعلون. إذ جعلوا صناديق في المقاهي والخمارات. والمسلم الذي يدخل إلى هذه الأماكن يدفع في الصندوق ثمن فلسطين اليهودية، وهكذا كانت أموالنا تذهب. فالقضية إذن ليست قضية فقر، وإنما هي أمر يتعلق بأساس مشكلاتنا. فعلينا أن نفكر في جذور المشكلات، وندرك أن القضية قضية حضارة. وما الفقر والغنى، ولا الجهل والمرض إلا أعراض لتلك المشكلة الأساسية.

إن علينا أن نكون حضارة، أي أن نبني لا أن نكدس. فالبناء وحده هو الذي يأتي بالحضارة لا التكديس ولنا في أمم معاصرة أسوة حسنة.

إن علينا أن ندرك بأن تكديس منتجات الحضارة الغربية لا يأتي بالحضارة، والاستحالة هنا إقتصادية واجتماعية.

أما الاستحالة الإقتصادية فنحن لو أردنا أن نكدس عناصر حضارة لنكون منها حضارة، لأصبحنا أمام أشياء للحضارة لا تعد ولا تحصى. ولو أننا قدرنا ثمنها فلا نستطيع تسديده خلال ألف سنة.

ثم إن هناك مغالطة منطقية، فالحضارة هي التي تكون منتجاتها وليست المنتجات هي التي تكون حضارة. إذ من البديهي أن الأسباب هي التي تكون النتائج وليس العكس. فالغلط منطقي ثم هو تاريخي لأننا لو حاولنا هذه المحاولة، فإننا سنبقى ألف سنة ونحن نكدس ثم لا تخرج بشيء.

من هنا فقد وجب علينا أن نشعر بخطورة المشاريع التي نراها تقوم في

<<  <   >  >>