الجمهورية العربية المتحدة. فإن هذه المشاريع هي التي تجعلنا لأول مرة في التاريخ نقف على باب الحضارة.
فنحن قد بدأنا بالتخطيط لأننا بدأنا بالبناء وليس بالتكديس. ولكن حتى نفهم هذه الأشياء في عمقها فإن علينا أن ندركها في معناها الصحيح، يجب علينا أن نتساءل: من أي شيء يبتدئ بناء الحضارة؟ وهذا السؤال يفرضه المنطق، فأنا إذا فكرت في بناء فإن علي أن أعلم بأي شيء أبتدئ.
إن أول ما يجب علينا أن نفكر فيه حينما نريد أن نبني حضارة، أن نفكر في عناصرها تفكير الكيماوي في عناصر الماء إذا ما أراد تكوينه. فهو يحلل الماء تحليلاً علمياً، ويجد أنه يتكون من عنصرين عنصر الإيدروجين وعنصر الأوكسجين. ثم إنه بعد ذلك يدرس القانون الذي يتركب به هذان العنصران ليعطيانا الماء، وهذا بناء ليس بتكديس، ذلك لأنه لو كدس ملايين من الأطنان من الإيدروجين والأكسجين ثم بقي ينتظر أن يتكون الماء، فإنه لا يتكون وحده إلا بأن يبعث الله إليه شرارة من عنده. فحينما نحلل منتجات الحضارة ولنأخذ أياً منها ولتكن هذه الورقة، فإننا نجدها تتكون من عناصر ثلاثة: الإنسان، لأنه هو الذي ولدها بفكره وصنعها بيده في بغداد في العهد العباسي حيث اخترع الفكر الإنساني الورق.
فالعنصر الأول إذن الإنسان أما العنصر الثاني فهو التراب. إذ من التراب كل
شيء على الأرض وفي باطنها. ومعنى التراب هنا ليس هو المعنى المتبادر إلى الذهن، فقد تعمدت ألا أستخدم كلمة مادة لأسباب فقلت التراب. لأن التراب يتصل به الإنسان بصورتين: صورة الملكية أي من حيث تشريع الملكية في المجتمع الذي يحقق للفرد الضمانات الاجتماعية، فالتراب هنا شيء حيوي في المجتمع من حيث التشريع. وهو يتصل به بصورة أخرى، من ناحية علم التراب والمعلومات التي تتصل به كالكيمياء وغيرها، فالتراب نعني به هذين الجانبين جانب التشريع