أن نضع أمامنا موضوعاً لهذا الحديث الصعوبات والشعور بالصعوبات، فعن أي شيء تعبر الصعوبات عندما تواجهنا أو نواجهها نحن؟
لو أننا راجعنا ذكرياتنا، أو أتيح لمن كان في سني أنا أن يراجع ذكريات طفولته، وعلى تقدير أنه قد اتصل بحياة جده وحياة أبيه، ليتذكر بعد خمسين سنة أن الحالة النفسية التي كان يعيش فيها مع جده ومع أبيه ومع جيله هو قد تغيرت حسب مراحل ثلاث.
إنني أتذكر حياة جدي وقد كان شيخاً، وديعاً كريماً شأنه شأن العرب والمسلمين، الذين كانوا يعيشون في زمانه، غير أني أشعر الآن أن جدي كان يعيش في طمأنينة واستقرار لا يشعر بأية مشكلة، سواء كان ذلك من الناحية المادية التي لم يكن معها يريد من العيش إلا الكفاف، أومن الناحية النفسية لأنه لم يكن يواجه المشكلات ولا يشعر بوجودها. ثم مرت هذه المرحلة وجاء الجيل الذي منه نبت والدي، فإذا بي أراه قد دخل في جو جديد خاصة إبان الحرب العالمية الأولى، فقد بدأ يشعر بوجود مشكلات، ويرى أمامه أموراً لا يستطيع إلا أن يضع عليها نقط استفهام، ولقد أذكر في هذه الفترة التي تميزت بالشعور بهذا القلق، أن والدي كان يعيش في جيل فقد الطمانينة من نفسه، غير أنه لم يكتسب بعد روح الكفاح والبروز إلى المشكلات وجهاً لوجه. وغالب الظن أنه لم يكن يحاول تصنيف المشكلات حتى يستطيع مواجهتها بصورة واضحة.
وهكذا ولّى هذا الجيل لا يعرف الاستقرار، ولكنه أيضاً لا يعرف الحركة والأندفاع، ثم أتى الجيل الذي نحن منه، الذي تفضل الاخ الدكتور يوسف شقرا فقدمني على أنني ممن واجهوا قضاياه، والحق أنني لم أكن في هذا الطريق وحدي بل كان جمع من الشباب كثير، والذي ذكره الدكتور من الحادثة التي جعلتني في قريتنا في مطلع الشباب، أقوم بتأييد ثورة الريف لم أكن فيها وحيداً، بل كنا