ثلة من الشباب أثارنا أن يستخدم الإستعمار مساجدنا وأئمتنا للدعاية ضد الثورة الريفية، فقمنا لصد هذه الدعاية بصورة صبيانية، وربما فيها كثير من المخاطر، بل لعلها لم تكن هي الطريقة المثلى التي كان علينا أن نتبعها، غير أنه مع ذلك فقد شعرنا بوجود مشكلة، وإن هذا الشعور ليعبر دون شك عن حالة نفسية جديدة، وهو القيام بالواجب، أعني الخروج من الركود أو الحيرة: ذلك الركود الذي كان فيه جدي وتلك الحيرة التي عاشها والدي.
إذن فإنه يمكن لنا أن نعد الصعوبات (من ناحية نفسية) أوضح دليل على النهضة واليقظة للأمة العربية في هذا الجيل، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فليس علينا من بأس في أن نستفيد من دراسة من سبقنا في هذا المضمار لنقول مع توينبي ((إن الصعوبات هي تحدّ خلاق لأنه يستحث الرد عليه)). ولا شك أن الرد لا يمكن أن يكون بغير الكد والتفكير.
ثم إنه بصفة عأمة يمكننا عَدّ هذه الصعوبات أزمة نمو تعيشها الأمة العربية، وطبيعي أنه ككل نمو لابد له من تعب وقلق وألم، ذلك أنه يقع في المجتمع وفي الفرد نفسه أيضاً شيء من التطاحن، بين قوات سلبية تدعوه إلى السكون، وهي دعوة تجد في طبيعة الإنسان عأمة قبولاً بسبب ميله الفطري إلى السهولة، وبين قوات إيجابية تدعوه إلى الكد والعمل، تحثه صعداً إلى الرقي، الذي هو رسالة الأمة، وإلى الدفاع عن كيان المجتمع؛ وبصورة عأمة إنها تدعوه إلى القيام بالواجبات .. وهكذا نرى أن الصعوبات هي أكبر مبشر بالحياة الاجتماعية الصحيحة.
لذلك كان طبيعياً أن رجل الدولة الاستاذ والوزير والنائب الذي يمثل الأمة العربية، في الاتحاد القومي يشعرون جميعاً بالصعوبات لأنها علأمة دخولهم ودخول أمتهم حلبة الكفاح.