إنه إذا كان مفيداً أن ننظر إلى الصعوبات بوصفها علامات تشير إلى مشكلاتنا، فإن هذه الفائدة لن تكتمل ما لم نجعل من هذه العلامات دليلا أيضا على أمراضنا الاجتماعية، التي لا مناص من مواجهتها. وليس من شك في أن سيادة الرئيس حينما توجه إلى الطلبة مرة وإلى حشود العمال مرة أخرى، شعر ببعض نقاط الضعف، فعبر عنها في المناسبتين كلتيهما بما ينبغي أن يعبر عنه رجل الدولة.
فإذا ما قدرنا أن هذه الصعوبات تعبر عن أزمة نمو، أي عن حالات شبيهة بالحالات المرضية، أو هي مرضية فعلاً، فإنه ينبغي علينا أن نسلك إزاءها مسلك الطبيب أمام الأمراض، إذ يحدد مكان المرض أو مصدره.
فما هو مصدر الصعوبات عأمة؟!
إننا إذا أجبنا على هذا السؤال إجابة عأمة مجردة، بمعنى أنها تكون صالحة لجميع أنواع المجتمعات الراقية، سواء فيها الاتحاد السوفيتي أو الأمريكي أو الاوربي فإننا نجدها تنشأ من جهات أربع:
فإما أنها تنشأ من خلل في عالم الأشخاص، وإما أنها تنشأ من خلل في عالم الأفكار، وإما أنها تنشأ من خلل في عالم الأشياء، وإما أنها تنشأ من خلل في علاقات هذه العوالم بعضها ببعض.
ولكن كيف ينشأ الخلل في عالم الأشخاص فينتج عنه صعوبات في مستوى السياسة أو في مستوى الثقافة؟
إنه من الطبيعي أننا نتصور الخلل في عالم الأشخاص بكل سهولة، إذا
ما كان في عشيرة فئة تدعو إلى الشر بمعنى أنهم مخربون. إذا كان جانب من الأمة يبني وآخر منها يخرب فهذا خلل كبير في عالم الأشخاص؛ فالسارق وشارب الخمر والذي يستغل إخوانه هو حجر عثرة في طريق المجتمع بل هو ذاته مرض متجسم.