للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

سادتي:

إنني أشكر الجامعة أن أتاحت لي فرصة الحديث معكم وتفضلت بوضعه تحت إشرافها، وإنني أوجه شكري خاصة إلى السيد المدير وإلى هيئة الأساتذة المحترمين، الذين تفضلوا بتحقيق هذه الفرصة، كما أشكر المستمعين الكرام الذين شرفوني بحضورهم، ملتمساً منهم العذر عن قصوري في التعبير العربي تعبيراً صحيحاً، يناسب ما يقتضيه موضوع الحديث من الوضوح.

سادتي: إن الأمة العربية تمر اليوم بتجربة تتضمن نتيجتها مصير كل عربي، وربما تتضمن نصيباً من مصير كل إنسان بمقتضى التفاعلات الموجودة اليوم بين الكتل البشرية التي تؤلف الإنسانية، وبمقتضى الترابط الموجود بين الحوادث، التي تجري اليوم في عالم غيرته في جذوره التطورات العلمية والفنية، خلال الخمسين سنة الأخيرة، حتى أصبح من الصعب تقدير الأشياء والأحداث بالمقاييس، التي تصوغها الاعتبارات المحلية فقط.

لاشك أن التجربة التي تقوم بها الأمة العربية اليوم، تأخذ معناها أولاً من الاعتبارات الخاصة الناتجة من صميم حياة العرب، المتصلة باطراد تاريخهم، ثم إنها تأخذ أيضاً معناها من اعتبارات أخرى تتصل بالاطراد العام، الذي يكون تاريخ الإنسانية ويربط أطوارها بعضها ببعض، لأن هذا الاطراد وذاك يلتقيان اليوم في نقطة أصبحت تمثل قطب التاريخ، القطب الذي كانت تتجه إليه تطورات العالم بصورة غامضة وأصبحت تتجه إليه بكل وضوح .. أعني أنه يفرض اليوم على سير التاريخ حتمية، دخلت في نطاق حسنا وشعورنا، حتى إننا نرى أثرها في التفكير الحديث عند بعض المؤرخين مثل (توينبي).

<<  <   >  >>