ما كنت أرى في هذه الزيارة مناسبة للحديث. ولكني أشعر بأن ذلك الشاب الذي قدمني إليكم، قد أوقعني بلطفه في الشبك إيقاعاً لا مناص معه من الحديث. ولو أني لم أعد له عدته أو أجعل في ذهني موضوعاً خاصاً. وعليه فإني سوف أتحدث إليكم بوصفي زميلاً يدلي بوجهة نظره فيما يمر بخاطره، أو أباً يغتنم الفرصة السانحة حتى يقدم لأبنائه نصيحة عسى أن تفيدهم، ولكن النصيحة لا تنفع إن لم تكن مستمدة من صميم الواقع، وإذن: فما هو الواقع الذي يواجهنا اليوم؟
كأني في الجواب على هذا السؤال أسمع الآن صوتا يصعد من قلوبكم، من قلوبنا جميعاً ويقول لي: إن الواقع اليوم هو أولاً كفاح الشعب الجزائري في سبيل الحرية والاستقلال. وإنه لموضوع آسر تغري بالحديث عنه هذه الزيارة، لأنه موضوع تهتز لذكره أرواحنا، وتتواضع عليه قلوبنا وعقولنا. غير أني لن أزيدكم فيما تعلمون شيئاً لو جعلت حديثي إليكم مثل هذا الموضوع. وإن هذا الشعور ليدفعني إلى واقع آخر أرى الحديث فيه، يسجل الموضوع الأول لأنه يسجل مصير الإنسانية.
فإن الإنسانية قد دخلت عهداً جديدا منذ الحرب العالمية الثانية، وأصبح
لزاماً على كل شعب أن يقدم ما يملك من إمكانيات حتى يعلم حظه بين الشعوب. ولا شك في أن هذا سيجعلنا أمام نقطة استفهام تعترض طريقنا وتطلب بقوة الجواب على هذا السؤال: ماهو حظنا في هذا العالم الجديد؟
ربما كنتم في اللحظة التي دخلت فيها إلى بيتكم، تستمعون إلى حديث المذياع، وتتلقون الأنباء من القاهرة أو لندن أو واشنطن أو باريس أو