للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والآن ينبغي لنا أن نتساءل: ما هو موقفنا من هذا الواقع، حتى نعلم ما هو مركزنا وما سوف يكون عليه في العالم الجديد؟

إن علينا أن نفكر في طريقة تصوغ الجواب على هذا السؤال في صورة محسوسة بقدر الإمكان. ونحن نستطيع أن نصل إلى هذا الهدف إذا جعلنا للكلام الذي تقدم صورة جغرافية .. فنعطي لكل حاجة من الحاجات الثلاث التي كشف عنها بحثنا لونا خاصاً. وذلك بأن نجعل اللون الازرق مثلاً يعبر عن الديمقراطية، واللون الأحمر عن الاشتراكية، واللون الاخضر عن السلام. فإذا ما وضعنا هذه الالوان الثلاثة على الخريطة متبعين مبدأ الأولوية، اتباعا يكون معه في المكان الواحد لون واحد يعبر عن الحاجة الشائعة هناك، أو على النزعة السائدة في ذلك المكان، ثم استفتينا معلوماتنا العادية في هذه الامور والتاريخ والصحافة اليومية أيضا في توزيع هذه الالوان، فإن الجواب سيجعل كل لون يستقر في رقعة معينة. ويحدد لنا قارة أيديولوجية معينة مطابقة لمبدأ من المبادئ الثلاثة التي وزعنا بمقتضاها الالوان. وهكذا نرى في النهاية أن لون الديمقراطية قد استقر على مساحة الرقعة الجغرافية التي تطابق رقعة الحضارة الغربية، أي الرقعة التي تشمل أوربا الغربية وأميركا. وأن اللون الاحمر لون الاشتراكية قد جعل من الرقعة التي تنتشر عليها البلاد الشيوعية مقاماً. وأن لون السلام الاخضر قد أوى إلى شبه القارة الهندية.

وليس هذا يعني بالطبع أن روح الديمقراطية الخالصة تقطن البلاد الغربية وأميركا .. تلك البلاد التي انبعثت منها روح الإستعمار الخبيث ورائحته. وأن روح الاشتراكية لا توجد إلا في البلاد الشيوعية، فلقد نعلم أن بلاداً أخرى كالبلاد الاسكندنافية قد تحققت فيها أروع التجارب الاشتراكية، دون أي تعد على حريات الفرد ودون أي عنف.

كما أننا لا نعترف أن الهند تمثل روح السلم الصرف دون استثناء، فلقد انبعثت

<<  <   >  >>