منها أحياناً أنفاس لا تليق بروح المهاتما غاندي، روح اللاعنف، وذلك في بعض المشاكل كمشكلة كشمير. ومع ذلك فإنه لا مجال للإنكار في أن الإنسانية اليوم تشعر بأنها تصغي لصوت السلام حينما يرتفع صوت نهرو في نيودلهي، أو صوت كريشنا مينون في الأمم المتحدة. ولقد أظهرت الأزمة الأخيرة التي أثارتها السياسة الصينية على حدود الهند أن الإنسانية لم تخطئ في شعورها هذا، بل إننا لندهش إذ نرى الهند لم تغير موقفها إزاء الصين في الوقت الذي تطأ فيه الجنود الصينية ترابها.
وليس من خطأ التقدير أن نقول أيضاً إن البلاد العربية تمثل الديمقراطية في
العالم الجديد، مع علمنا بما في هذا التقدير من نسبية. وإن البلاد الشيوعية تمثل اليوم الفكرة الاشتراكية مع التنبيه أيضاً على نسبية هذا التقدير.
هذا هو واقع العالم اليوم، فإذا أردنا أن نعلم مكاننا الآن منه فإن علينا أن نرجع إلى الخريطة الايديولوجية التي رسمناها ونبحث عن لوننا أي هو؟ ولن نلبث حتى نجد رقعتنا على هذه الخريطة بيضاء كتلك الساحات التي كانت تبقى بيضاء على خرائط القرن التاسع عشر. إشارة إلى أنها لا تزال مجاهيل، لم يكتشفها علماء الجغرافية ولم يمسحوها. فرقعتنا إذن بحسب منطق حديثنا ذات لون أبيض، لأنها لا تمثل حاجة من حاجات الإنسانية الكبرى في القرن العشرين. فنحن في حالة تغيب عن العالم الجديد لأننا لا نرى لوناً على الخريطة يدل على وجودنا فيه.
فإذا ما شئنا الجواب على السؤال الذي أوردناه في صدر الحديث، فإننا سنعترف بأن مكاننا في المجمع العالمي سوف يكون تافهاً، لأننا لا نمثل مصلحة ذات أهمية عالمية.
وهنا يبدو سؤال جديد: هل هناك مخرج من مأزق كهذا؟ أم لا بد أن