نستسلم لليأس فنطأطئ الرأس أمام هذا الواقع؟ ونقتنع بوظيفة فراش في المجتمع العالمي؟
ويبدو لي أنه من اللائق أن نفكر في الأسباب التي أدخلتنا إلى هذا المأزق،
قبل أن نفكر في الأسباب التي يمكننا بها الخروج منه. إن دوافع الحياة هي التي ورطتنا في الازمة التي نحاول منها الخروج. ورطتنا منذ أكثر من نصف قرن، حينما استيقظت الشعوب العربية الإسلامية على خطر الإستعمار، فقد كنت يقظتنا الفجائية دافعا من دوافع الحياة وفي الوقت نفسه دافعاً من دوافع الخطأ.
فكان مثلنا كنائم استيقظ فجأة فوجد النار في غرفته، ودون أي تفكير ألقى بنفسه من نافذة الغرفة التي هي في الدور الرابع أو الخامس لينجو من النار. فنحن قد ألقينا بأنفسنا من حيث لا نريد في هوة التقليد حتى ننجو من الإستعمار. إننا نفكر في الخلاص تفكيراً معقداً: وإنما دفعتنا دوافع لا شعورية لتقليد حضارة الإستعمار حتى نعمم أنفسنا منه. ولقد دعانا هذا إلى السير في الطريق التي شقته الشعوب الغربية أمامنا على أنه يوصلنا إلى ما وصلوا إليه. ولاشك أن هذا ممكن لو أننا نسير جميعاً دون دخل للوقت والتطور في حياتنا. ولكننا نتطور نحن ومن نقلده. وعليه فإذا سرنا على مبدأ تقليده فسوف نقلده إلى ما لا نهاية. وهكذا كان الدافع الذي دفعنا في مطلع هذا القرن إلى الحياة قد دفعنا في الوقت نفسه إلى الخطأ، فبتنا نسير في هذا الطريق، لأن السابق إلى الشيء دائماً أولى به. ومن المسلم به أن من نقلده أسبق منا في هذا المضمار.
فلو أننا افترضنا أن الصاروخ هو في النهاية الغاية التي تريد الإنسانية تحقيقها وهذا افتراض لا نسلم به إلا جدلاً، فإن المجتمعات التي سارت قبلنا على طريق الحضارة المادية سوف تصل حتما إلى تلك الغاية قبلنا. وهكذا نصبح في النهاية نسير إلى غير غاية حققها غيرنا قبلنا.
فالخطأ إذن بين، ويزيده وضوحاً أن نخرج القضية من إطار المنطق