البسيط إلى منطق الواقع الصحيح: فنحن لا نرى أن الذي قد حصل على الصاروخ قبلنا ونقتفي أثره عن طريق الحياة المادية، حقق بذلك غاية الإنسانية، فأشبع حاجة من الحاجات الكبرى التي نريد إشباعها، بل نراه هو نفسه يخشى الصاروخ الذي في يمينه والقنبلة الذرية التي في يساره، فهو يلوح بها لخصومه وأعدائه بيد ترتعش خوفا مما تحمل، فهل نؤمن- والحالة كما ذكرنا- أنه بما حصل عليه في طريق الحضارة المادية، قد أسعد نفسه أو أسعد الإنسانية؟
فالخطأ واضح إذن من الجانب النفسي والأخلاقي والمنطقي معا. وبهذا يتبين لنا كيف دخلنا في المأزق وبقي أن نتساءل: كيف تخرج منه؟
قد وضح مما بينا أننا دخلنا إليه عن طريق التقليد، فلم نفكر في مسلكنا حينما استيقظنا بل سرنا مقلدين لا مبتكرين؛ وأرى الآن أن نتمهل فنراجع أنفسنا، فإن الاعتبارات التي قدمناها لا تدلنا على أنه ينبغي علينا أن نستغني عن نتائج الحضارة المادية، وإنما أن نقدرها بالنسبة لوضعنا، في عالم أصبح فيه نوع جديد من التخصص. لا تتخصص فيه الأفراد فحسب كما كان الأمر من قبل، لإشباع حاجات الحياة المادية، ولكن تتخصص الكتل البشرية لتسد كل حاجة من الحاجات التي تتضمنها الحياة الإنسانية الايديولوجية .. وتحقق لها في المجتمع العالمي مكانا ..
فإذا ملكنا الصاروخ فمرحبا به لخدمة الإنسانية، ولكن مع العلم أنه قد وصل إلى يد غيرنا قبلنا. وإنه مع ذلك لا يشبع حاجة من الحاجات الإنسانية. وعلى ضوء هذه الاعتبارات، علينا أن نراجع أنفسنا ونتساءل: ما هو المخرج؟ إنه في أن يكون في نشاطنا الروحي ما تعترف به الإنسانية كحاجة مثل الديمقراطية والاشتراكية والسلم، حاجة لا بد من إشباعها.
ونحن حين نضع المشكلة هكذا فإنه يبقى أن نعلم هل لهذه المشكلة حل في