هذه الصورة؟ وبتعبير آخر، هل في أنفسنا بصفتنا عرباً وفي أرواحنا بوصفنا مسلمين منبع ينبع منه خير للإنسانية؟
إنه يمكن الخطأ في الجواب، ولكن هذا لن يقلل من أهمية السؤال. يمكن
لي أن أخطئ في رأيي الخاص أمام هذا السؤال، ولكن هذا لا يغير من صورة القضية، فإنه يجب أن يكون في نشاطنا شيء تعترف به الإنسانية بوصفه حاجة من حاجاتها، شيء يضمن لنا مركزاً كريماً في المجمع العالمي.
وأنا هنا سوف أبدي مجرد رأي .. ولا ضير أن يأتي غيري برأي أحسن منه شريطة أن نظل في صلب القضية، فإن حاجة الإنسانية لا تتمثل في الديمقراطية وحدها، التي فيما يبدو قد استأثر بها الغرب، ولا الاشتراكية وحدها التي- فيما يبدو- قد تخصصت بها البلاد الشيوعية ولا السلم وحده الذي قد رفعت رايته الهند، فهناك في نظري مجال نستطيع فيه أن نسجل بلون خاص وجودنا على الخريطة الايديولوجية. إن الإنسانية في حاجة- عامة- إلى صوت يناديها إلى الخير، وإلى الكف عن جميع الشرور، وإنها لحاجة أكثر إلحاحا من سواها، لأن الإنسان توَّاق إلى الخير بفطرته، وإنما تحرمه منه معوقات مختلفة تكونها الظروف الاجتماعية والسياسية والإقتصادية أحياناً، غير أنه حينما تؤثر هذه المعوقات في سلوكه فتجعله يكذب أو يسرق أو يظلم أو يقتل فإنه يشعر بالحرمان.
إن الطيار الأمريكي الذي ألقى القنبلة الذرية الأولى على هيروشما، قد دفعته إلى عمله دوافع مختلفة يسميها البطولة الوطنية، دوافع كونتها في نفسه ثقافته وبيئته. غير أنه حينما انجلى الانفجار الهائل في الأفق، وكشف عن أطلال مدينة كاملة، وظهرت الأكداس من الجثث الممزقة الموقوذة المشوهة، ظهر بين تلك الأطلال الحزينة وفوق تلك الأكداس الرهيبة وجه الشر، وكأنما ارتفعت