منطوق الكلمة اللفظي بل في حقيقتها الاجتماعية ومضونها، أي تشخيص حقيقة اجتماعية نصطلح عليها هكذا ...
ماذا نعني بالفاعلية: بوصفها قياساً لإنتاج المجتمعات؟
فلنبدأ بأبسط مجتمع: إن حياة الحيوان تتضمن صوراً مختلفة، فهناك حيوان يعيش بمفرده بعيداً عن نظام الاسرة، ونشاطه يسد فقط حاجات بيولوجية بسيطة، كالقط مثلاً فهو يسد حاجات فردية ولا نرى لنشاطه أثراً بعد سد تلك الحاجات، فإذا نظرنا بعد ذلك إلى حيوان أعلى مستوى، يعيش في جو أسري فإن نشاطه يأخذ صورة جديدة.
فالعش البسيط الذي يبنيه الطير يعطي صورة للنشاط الاجتماعي في مستوى أرقى، ولكنه دون مستوى الحيوان الذي يعيش في نظام أوسع نطاقاً من الاسرة كالنحل، نجد إنتاجه الاجتماعي يختلف عن إنتاج الحيوان الذي يعيش في نطاق الاسرة فحسب، فإنتاجه يتسم بالفاعلية في صورتين: مادية ومعنوية.
فمن الناحية الأولى: نرى أن نشاط النحل ينتج أكثر من حاجات سربه البسيطة، حتى إننا نستغل العسل الذي ينتجه كل سنة.
ومن الناحية المعنوية: نرى أن هذا الإنتاج يفرض على خليته حياة منظمة خاضعة لقوانين معينة، فنجد في هذا المجتمع البسيط ظاهرة تقسيم العمل، وقد اتسمت بها حياة هذه الفرق من النحل، فتزيد مهامها عن عشرة أنواع من العمل، كل مهمة منها لها رصيدها من الطاقات الاجتماعية ومن عدد معين من النحل، وإذا جعلنا هذه المجتمعات الصغيرة موضع درس نظري لنعرف كيف يرتقي الإنتاج الاجتماعي فيها، نجد أن هذه الظاهرة تخضع لقانون هو:((أن الفاعلية تنمو تدريجياً مع تعقد المصلحة))، أي أن الإنتاج الاجتماعي يرتقي بقدر ما يكون النشاط الفردي موجهاً لسد حاجات غير فردية، أو بعبارة أخرى،