أبدع منتجاته تبعاً لقواعد اجتماعية معينة- ينبغي علينا أن ندرسها ضمن القواعد العأمة بعد أن نخلصها من القيود السياسية- توضح فكرة التوتر في تجربة قريبة منا يمكن أن نتتبع تفاصيلها. ففي سنوات التخطيط الأول، سنة ١٩٢٧ خلقت فكرة التصنيع الموجه، ووضعت له مقايس أساسية لتوزيع العمل، فقدر إنتاج الفحم بمقدار ٥ أطنان من الفحم الحجري للعامل الواحد في اليوم، وهذا التقدير خاضع لعلم حركات اليد، كما رسمه (تيلر) وداخل في توزيع العمل اليومي، إذ التخطيط لا يترك للمصادفة والمجازفة، لكننا نجد (ستاخانوف) يكذب هذا التقدير فينتج يومياً عشرة أطنان، لأنه يعمل بأحشائه ذات الشحنة النفسية القوية والاستعدادات المتوترة، فخلق بذلك نظاماً إقتصادياً جديداً يعرف باسمه، وإذا قورن بأبيه في الجيل الذي سبقه فإنا نجد أباه لا ينتج شيئاً لفراغه النفسي وضعف توتره، فالتوتر في يد يختلف عنه في يد أخرى، ولذلك يجب إذا ما درسنا مجتمعاً أن ندرس حالة هذا المجتمع في ظروف معينة، فالمجتمع العربي قبل العهد القرآني يختلف اختلافاً كبيراً عنه بعد العهد القرآني، فإذا بحثنا عن إنتاجه قبل ذلك مثلا في الفترة التي تقدر بأربعة آلاف سنة من عهد إسماعيل إلى النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، نجده ينحصر في عشر معلقات، وهذا معناه أن الطاقات الاجتماعية، طاقات القلب والعقل واليد، في حالة غير حالة التوتر الاجتماعي الذي يدفع إلى الإنتاج بقوة وحرارة، وحينما جاء الإسلام استطاع أن يخلق حضارة خلال نصف قرن، ومعنى ذلك أن الإسلام أتى بالمسوّغات الدافعة لليد والعقل والقلب لكي تحقق متساندة حضارة ذات إشعاع.
ما هي مظاهر التوتر في هذا المجتمع الذي بزغ من جديد؟ هناك مظهر في السلوك تعبر عنه تلك المرأة ذات الضمير الممتلئ توتراً، حينما تأتي إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - وتطالب بإقأمة حد الزنا عليها على الرغم من الخفاء الذي أحاط بعملها، فأبى توترها إلا أن يلح في المطالبة بالحد بإصرار عجيب، فصدها النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنها