ويقول في قصة أخرى له على لسان بطله:((إنني خرجت من هذا العالم فبقي ممتلئاً مثل البيضة، كأن كياني لم يكن له ضرورة)).
ويقول أيضاً في موضوع آخر ((إنك في هذا العالم- يا مسكين- دخيل وزائد مثل شظية خشب تحت الجلد)).
وليست العبارات الوجودية هذه إلا تعبيراً عن أزمة مجتمع لم يصبح فيه للأفراد مسوّغات لكيانهم.
فالقضية إذن ليست خاصة بالمجتمع الإسلامي، فهي في كل مجتمع تنحصر في فقدان الشروط التي تحقق التوتر في نشاطه وبعثه إلى أسمى الغايات.
والمجتمع الإسلامي يمرّ اليوم بحالة إرهاص، قد عبرت عنها أقلام الادباء بكلمة النهضة، فالعالم الإسلامي يجمع قواه للدخول من جديد في معارك الحياة وخضم التاريخ.
وعلى هذا فهو في لحظة من لحظات التيه والحيرة، لأن ساعة الخطر تدق مرتين: فهي تدق في اللحظة التي يفقد فيها المجتمع مسوّغاته التقليدية، المسوّغات التي أطلقت طاقاته ووحدت جهوده، وتدق في اللحظة التي يبدأ يستعيد فيها مسوّغاته المفقودة أو يبحث عن مسوّغات جديدة.
فالعالم الإسلامي اليوم في ساعة الخطر، لأنه يشعر بفقدان المسوّغات التي رفعت شأنه في القرون الأولى وحققت رسالته في التاريخ.
وينبغي على كل مسلم أن يدرك هذه الأشياء، وأن يفكر جدياً في القضية،
كي يدلي بالنصيحة الواقعية والإرشاد السليم، بالنسبة إلى اختيار المسوّغات الكفيلة بخلق توتر جديد في النشاط الإسلامي.
ولا ننسى في مثل هذه الساعة الحاسمة أن أسمى المسوّغات هي التي تهبط من