هذه النصيحة دون أن يشعر بذلك، فتفقد في متناوله كل ميزاتها لمسايرة ظروف الحياة المتغيرة، فالأفكار التي يدلي لنا بها هذا الاختصاصي لا تصبح في متناولنا حقائق يعطينا معناها الحياة، بما تكشف لنا ما وراء تلك الحقائق من أسباب أو أصول، بل تصبح كلمات نبحث عن معناها في القاموس.
وهكذا لا نستطيع تطبيق الأفكار المستعارة في سياق حياتنا، وإنما نقلدها
في الصورة التي يطبقها فيها غيرنا في حياته، وهذا يجعلنا نزهد في استخدام كل إمكانياتنا في بناء إقتصادنا، لأننا نريد أن نقلد إقتصاد الآخرين كما يضعونه بوسائلهم الخاصة المتطورة التي ليست في متناولنا في مرحلة تطورنا، وهكذا يضيع علينا بعض إمكانياتنا حين لا ندرك قيمتها وراء الكلمات التي أدلى بها الاختصاصي الذي خطط لنا، وهكذا يضيع الوقت أيضاً.
إن الاختصاصي تكلم لنا عن مقومات الإقتصاد، فذكر وسائل الإنتاج، وسعة الإنتاج، وعن الإطارات الفنية، وعن تركيز رؤوس الأموال.
فأخذنا بهذه المصطلحات بالحرف، وفق معناها في القاموس، وانزلقنا
هكذا في التقليد الإقتصادي، كما انزلقنا وننزلق في التقليد في الادب وفي اللباس وفي الذوق، وأصبحنا نعمل في الحقل الإقتصادي بوسائل دون وسائل غيرنا لأننا لا نملك وسائلهم، ودون وسائلنا لأننا لا نعرف قيمتها الواقعية، في مشروع جرى تقديره بأفكار تحجرت حين تناولناها، وأصبحت لا تسير مع ظروف حياتنا الخاصة.
يجب إذن أن نعيد النظر في القضية على أساس أن وسائلنا ليست في رصيد ثروة صناعية مجهزة بكل الطاقات الميكانيكية، وإنما في رصيد ثروتنا الطبيعية المجهزة بالطاقات البشرية.
ولا بد أن نلاحظ من ناحية أخرى أن العوامل الإقتصادية كلها، مهما كانت