للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فعندما نرى تجربة نجحت في بناء إقتصاد، فمعنى ذلك أن شخصية معينة نجحت، كالشخصية الألمانية في بناء الإقتصاد الألماني بعد الحرب العالمية الثانية، وعندما نرى الإقتصاد الروسي ينجح بعد ثورة ١٩١٧، وبعد الكساد الذي عرفته روسيا القيصرية، فهذا لا يعني أن آلات جديدة بدأت تنتج في روسيا، بقدر ما يعني أن شخصية جديدة بدأت تنتج، أي تنسيقاً جديداً لحركات العقل واليد والمال بدأت تظهر آثاره المحسوسة، فنجاح العامل السوفييتي (استاخانوف) في إنتاج الفحم الحجري يعني أولاً وقبل كل شيء ظهور شخصية جديدة تمتاز بفعالية أكثر من الإنسان الرويسي Moujik الذي كان قبله.

ولا يقنع أن نقول عن (استاخانوف) إنه عبقري، فهذه الكلمة تصف فرداً ولكنها لا تفسر ظاهرة على جانب من الأهمية العملية، إذ أصبح نجاح هذا العامل السوفييتي قاعدة لمذهب يعطي للعامل الإنساني القيمة الرئيسية في الإنتاج.

فالتفسير للظاهرة التي نشاهدها في عمل فرد مثل (استاخانوف)، أوسع

من قضية هذا الفرد سواء كان عبقرياً أوغير عبقري.

ويمكننا هنا أن نلاحظ ملاحظة عأمة عن تأثير الثورة في بلد ما، على المعادلة الاجتماعية التي تمثل القيمة التي يجب أن نقدر بها الإنسان من الناحية الاجتماعية.

فالثورة الفرنسية مثلا وضعت الإنسان أمام ضرورات سياسية، تتطلب تغيير النظم والمؤسسات البالية بنظم ومؤسسات جديدة، في نطاق دستور جديد.

أما ثورة مثل الثورة الروسية فإنها وضعت الإنسان أمام ضرورات نفسية، تتطلب تغييراً أساسياً في الإنسان ذاته.

<<  <   >  >>