٢ - ويمكن أن توضع القضية المعروضة في حدود الأفكار مباشرة، فنصوغ جوابنا لا حسب التقديرات الشيئية التي تقدر في نطاق المصنع والميزانية، وإنما حسب مقتضيات المبدأ الذي يقرر بصورة عأمة: هذا الرجل يجب أن يعمل.
هكذا نرى بكل وضوح أن الجواب في الصورة الأولى قد ضيق نطاق الإمكانيات منذ اللحظة الأولى، لأننا وضعنا القضية في حدود ضيقة بطبيعتها، لأنها حدود الأشياء التي لا تتسع لمجرى الحياة المتنوعة في كل حين.
أما الجواب في الصورة الثانية فإنه يفتح آفاقاً متسعة، تتسع لكل الاحتمالات، لأنها تشمل جميع الطاقات الاجتماعية التي يمكن توظيفها في بناء إقتصاد، إذ توظف مثلاً العوامل الإنسانية البسيطة- اليد، الفكر، المال- دون انتظار الشروط الفنية. أي الوسائل الميكانيكية، والإطارات الفنية بمعناها الضيق الذي نجده في قاموس إقتصادي عادي.
ومما يجدر ذكره بهذا الصدد، أن النهضة الإقتصادية في اليابان سارت ونمت بوسائل بدائية، وضعها اليابان على نطاق متسع في الإنتاج المنزلي، الذي قام بدور رئيسي في بناء الإقتصاد الياباني الضخم.
ولكن نعلم مما تقدم أن فعالية العوامل الإنسانية البسيطة ليست مضمونة في سائر الظروف. فهي مشروطة بظروف تاريخية نفسية معينة، يمكن أن نحددها سلبياً فنقول: إن هذه الشروط لا تتحقق في مجتمع لا زال في عمر الطفولة، أي لا زال مرتبطاً بمنطق الأشياء يعيش في المرحلة التي نطلق عليها ما قبل الحضارة.
وهكذا يمكننا أن نحدد التخلف بعد أن حددناه بأرقام متوسط الدخل السنوي، على أنه الحالة الاجتماعية التي يكون عليها إنسان ما قبل الحضارة، الإنسان الذي يضع مشكلاته في حدود الأشياء.