محتواها طبقاً لطريقة التفكير الخاص بأهل الأرض، ولا في أيدحهم من وسائل التحليل.
لا شك أن زائر السماء بدأ يشعر بأنه قد تخطى فعلاً حدوداً فاصلة، عندما انتقل من خط واشنطن موسكو إلى خط طنجة جاكارتا، وأنه قد دخل عالماً تعد (مدن الأكواخ) فيه عنصر تعريف في غاية الأهمية بالنسبة إليه، وعنصر تمييز أيضاً لأنه يمثل حد التمييز بينه وبين النظر الأول، الذي يتميز بناطحات السماء ومدن العمال.
وربما نزيد على ملاحظة زائرنا طبقاً لمنطقنا الخاص، أن عنصر التعريف
هذا يستمد قوته من النموذج الإجتماعي: قد يتساءل زائر السماء عما إذا لم يكن الإنسان الذي التقط صورته في ضواحي كلكتا، هو الذي يراه الآن- وكأنه أضناه بعد السفر- مستنداً إلى حائط هذا الكوخ، يسترد أنفاسه في ضواحي مدينة من مدن إفريقيا الشمالية.
وعلى كل، فلا يمكننا نحن، طبقاً لما يتطلبه صب هذه الملاحظات في قضية عقلية، لا يمكننا إلا أن نربط بين هذين الرجلين مهما كانت الفروق اللغوية والعنصرية والسياسية والدينية التي تفصل بينهما. إن وجه القرابة بينهما واضح حتى لنظرة زائر السماء، لأنه يتذكر أنه لم يصادف نموذجهما في أي بقعة من بقاع رحلته الأولى.
إن هذا النموذج الاجتماعي الذي يتمثل فيهما هو صورة الإنسان الإفريقي الآسيوي، الرمزية في مرحلته الراهنة، أي صورة الإنسان الذي يتضمن واقعه ومصيره معطيات التضامن الإفريقي الآسيوي كلها، ويتضمن كيانه خاصة العناصر النظرية كلها التي جمعناها- من أسباب وغايات- في الجدول التحليلي الذي قدمناه في صدر هذا الحديث. إن تلك الأسباب والغايات التي أشرنا إليها، ما هي بعد التحليل سوى الدوافع التي تحرك هذا الإنسان، عندما يفكر في