الحمد لله الواحد القهار، العظيم الجبار، الكبير المتعال، الذي جعلنا للبلوى (١) والاختبار، وأعد لنا الجنة والنار، فعظم لذلك الخطر، وطال لذلك الحزن لمن عقل وادَّكر، حتى يعلم أين المصير، وأين المستقر، لأنه قد عصى الرب وخالف المولى، وأصبح وأمسى بين الغضب والرضا، لا يدري أيهما قد حل ووقع له، فعظم لذلك غمّه، وطال لذلك حزنه، واشتد كربه، حتى يعلم كيف عند الله حاله. فإلى الله فارغب في التوفيق، وإياه فسل العفو عن الذنوب، وبه فاستعن في كل الأمور.
فعجبتُ كيف تقرُّ عينك، أو كيف يزايل الوجل والإشفاق قلبك، وقد عصيتَ ربك واستوجبتَ بعصيانك غضبه وعقابه، والموت لا محالة نازلٌ بك، بكربه وغصصه ونزعه وسكراته، فكأنك قد نزل بك وشيكاً سريعاً.
فتوهم نفسك وقد صُرعتَ للموت صرعةً لا تقوم منها إلا إلى
(١) هكذا صوب الكلمة (أ) ، وكانت في الأصل عنده [للبلوا] .