هذا الحديث في الزكاة المفروضة، وفيه تحديد الأنصبة –أنصبة الأموال الزكوية- ((ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة)) من التمر والحبوب والثمار هذا مما يكال، هذا نصاب خمسة أوسق، والأوسق: جمع وسق، والوسق ستون صاعاً، فأقل من ثلاثمائة صاع لا زكاة فيها، هذا بالنسبة للزكاة المفروضة، أما المستحب فلو كان عند الإنسان صاع واحد وقسمه وبينه محتاج نصفين أجره عظيم عند الله -جل وعلا-؛ لكنه لا على سبيل الوجوب والإلزام، فالشرع حينما لاحظ حاجة المحتاج أيضاً لم يهدر حاجة المتصدق، بينما ما غفل عن حوائج الأغنياء، نعم لاحظ حوائج الفقراء وجعلها هي الباعث الحقيقي على مشروعية الزكاة، لكن أيضاً حوائج ومصالح الأغنياء غير مهدرة، فمن رحمة الله -جل وعلا- أنه جعل هذه الأنصبة، ((ليس فيما دون خمسة أوسقٍ صدقة)) وهذا هو النصاب عند الجمهور، الحنفية لا يرون أن في ما يزكى من الحبوب والثمار والتمر والأطعمة ليس لها نصاب {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [(١٤١) سورة الأنعام] ((فيما سقت السماء العشر)) فيطلقون، يعملون بالنصوص المطلقة، ويقولون: إن مثل هذا الحديث زيادة على النص، والزيادة على النص نسخ عندهم، والآحاد -مثل هذا الحديث- لا ينسخ القطعي، {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [(١٤١) سورة الأنعام] ما في تحديد بنصاب، وهذا هو المقطوع به، والحديث يقولون: آحاد، والزيادة على النص نسخ، والنسخ لا يكون إلا بمساوٍ، القطعي لا ينسخ إلا بقطعي؛ لكن أهل العلم قاطبة على أن أخبار الآحاد إذا صحت أنها يجب العمل بها، العمل بها واجب، ولو لم تبلغ حد القطع والتواتر، ولا يلزم من كونها أخبار آحاد أو لا تفيد العلم أنه لا يجب العمل بها، بل يجب العمل بها، وجوب العمل بأخبار الآحاد قول عامة من يعتد به من أهل العلم، ولم يخالف في ذلك إلا أهل البدع، الحنفية يعملون بأخبار الآحاد، يعملون بها؛ لكنها عندهم هنا فيه شيء من التعارض، نعم التقييد والتخصيص فيه مشابهة للنسخ؛ لأنه نسخ جزئي للحكم، نسخ جزئي، إيش معنى نسخ جزئي؟ إذا خصصنا النص العام بدليلٍ يقتضي التخصيص أخرجنا بعض أفراده، وإخراجنا لبعض أفراد العام إلغاء، وهذا الإلغاء بدليل، فهو نسخ وإن لم