يكن كلياً إلا أنه جزئي، ومثله التقييد، وعندهم أن النسخ لا يكون بين المراتب المختلفة من النصوص، فعامة أهل العلم على أن هذا تخصيص أو قل: تقييد، والتقييد ليس بنسخ، حتى عند من يقول: أن الآحاد لا ينسخ المتواتر ما يطبق عليه مثل هذا؛ لأن النسخ والتقييد ليس بنسخ، وإن كان جزئياً إلا أنه ليس بنسخ، على كل حال الراجح في المسألة معروف قول الجمهور.
((وليس فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقة)) هذا نصاب الفضة والورق هي الفضة، مضروبةً كانت أو غير مضروبة، فإذا كان عند شخص خمس أواقٍ والأوقية أربعون درهماً فيتحصل من المجموع مائتا درهم، هذا هو نصاب الفضة، ((وليس فيما دون خمس ذودٍ صدقة)) يعني من الإبل، دون الخمس ما في، الخمس فيها شاة، العشر فيها شاتان، العشرون فيها ثلاث شياه، الخمسة والعشرون تبدأ زكاة الإبل بالإبل، وهكذا، والغنم لها نصاب، والبقر لها نصاب محددة في كتب الفروع، ولا تخفى عليكم، جاء تحديدها في حديث أنس وغيره، وحديث الجوامع الزكاة فيما كتب به أبو بكر إلى عماله في الصدقات، هذه الجوامع تبين الأنصبة.
الحديث الثالث والثلاثون: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ومن يستعفف يُعفّه الله، ومن يستغن يُغنه الله، ومن يَتَصَبَّر يُصّبِّره الله، وما أعطِيَ أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر)) [متفق عليه].
يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- في حديث أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه-: ((من يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله)) الاستعفاف عما في أيدي الناس لا شك أن من فعله جاهداً وقهر نفسه على ذلك ما لم يصل إلى حد الضرورة لا شك أن الله -جل وعلا- يعنيه على العفاف، هذا جواب الشرط، وجاء الأمر به {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} [(٣٣) سورة النور] المقصود أن على المسلم أن يكون عزيزاً لا يهين نفسه، ولا يبتذل نفسه باستكفاف الناس، وطلب إعاناتهم، وبعض الناس يسهل عليه هذا الأمر ولأدنى شيء يسأل الناس، مثل هذا يبتلى، لا يعان على العفاف، وإنما يبتلى بالحاجة الدائمة.