وذكرنا مثال في مناسباتٍ كثيرة لو أن شخصاً في يوم الاثنين إذا بقي على أذان المغرب ساعة حمل التمر والقهوة والماء وما أدري إيش في كيس وذهب ليفطر في المسجد، وفل الصماط قبل أذان المغرب، والناس يتواردون مع الأذان وبعده ولما أذن قال: بسم الله الرحمن الرحيم، وأكل وشرب، وحمد الله على ذلك، وهو ما صام، يعني لو هو صائم ما في إشكال؛ لكن هذا ما صام، الأكل في المسجد ما فيه شيء جائز، الأكل ما فيه إشكال؛ لكن كونه أوهم الناس بفعله أنه صائم يذم من هذه الحيثية، يذم من هذه الحيثية، يعني فات فل الصماط قبيل أذان المغرب يوم الاثنين مثلاً أو الخميس، ووضع التمر على هيئة الصوام، وكل من دخل مع باب المسجد تفضل يا أبو فلان، تفضل يا أبو فلان، بسم الله، وينتظر حتى يؤذن، ويأكل على طريقة الصوام هذا لا شك أنه يذم، وإن كان القصد في الأكل أنه مباح، وأيضاً الأكل في المسجد مباح ما في إشكال؛ لكن إذا أوهم الناس بعمله أنه يتقرب هنا يأتي الذم، وإلا فالأصل أن الهجرة من أجل الدنيا أو من أجل المرأة التي يتزوجها ما فيه إشكال، بل قد يؤجر عليه، فننتبه لمثل هذا، والله المستعان.
وعرفنا أن الحديث، حديث عمر دليل للشرط الأول مما يشترط لصحة العبادات، وهو الإخلاص، وعرفنا أن الإخلاص شأنه عظيم، ويحتاج إلى جهاد، النفس تحتاج إلى جهاد في هذا الباب، وتتفلت على صاحبها؛ لكن إذا حرص الإنسان وصدق في جهاده لنفسه يعينه الله -جل وعلا-، من صدق مع الله أعانه ووفقه، تردد في كلام بعض العلماء أنهم طلبوا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله، فهل ندخل في هذه النية نطلب العلم لغير الله، ونقول: تأتي النية فيما بعد؟ وما يدريك لعل المنية تخترم قبل أن تصح نيتك، فأنت جاهد من أول لحظة، جاهد من أول لحظة، تدخل بنية مدخولة تطلب العلم الشرعي قال الله وقال رسوله لأمرٍ من الأمور تقول: لا النية تأتي، طيب جميع العصاة على هذا الأمر، يزاولون المعاصي على نية أنهم يتوبون منها، وما يدريكم لعل المنية تخترم الواحد قبل تصحيح نيته فيهلك.