هذا الذي هجرته إلى الله ورسوله لا شك أنه هو الذي حقق الهدف الشرعي من الهجرة، أما من كانت هجرته لغير ذلك، هجرته إلى محرم الهجرة حرام، إلى مكروه الهجرة مكروه، هجرة إلى مباح هاجر من أجل مباح، انتقل من مكة إلى المدينة، ومن المدينة إلى مكة أو إلى الرياض ليزاول التجارة طرق الأبواب في المدينة ما استطاع، ما رزق في التجارة، أو بحث عن زوجة ما وجد، فقيل له: تجد في مكة أو في الرياض أو في بلدٍ آخر فانتقل، هذه هجرة، هاجر من هذا البلد من أجل هذه المرأة التي يغلب على ظنه حصولها، أو هذه الدنيا التي يقال له: أن الفرص أكثر في مكة أو في الرياض فيهاجر من أجلها هل يذم أو لا يذم؟ الحديث ساقه سياق الذم، ((ومن كانت هجرته لدنياً يصيبها أو امرأةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) السياق سياق ذم لأنه في مقابل سياق المدح في الجملة الأولى، فهل يذم من انتقل من بلد إلى بلد طلباً للرزق أو طلباً لزوجة لأنه لم يجد؟ يذم وإلا ما يذم؟ لا يذم، بل قد يمدح إذا ترتب على طلب هذه المرأة إعفاف نفسه، والنكاح من سنن المرسلين، النكاح من سنتي، ((ومن رغب عن سنتي فليس مني)) فما وجد امرأة انتقل، هاجر إلى بلدٍ آخر ليجد امرأة يذم وإلا ما يذم؟ إنما سياق الخبر سياق الذم، لماذا؟ لأنه في حق من يظهر للناس أنه هاجر إلى الله ورسوله، وهو في الحقيقة إنما هاجر للدنيا أو هاجر لامرأة، وفي هذا القصة المعروفة مهاجر أم قيس، هاجر يظهر أنه مهاجر إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- المدينة، وقصده وهدفه من الهجرة أن يتزوج هذه المرأة، يذم في هذه الحالة.