((من كانت هجرته)) الهجرة في الأصل: الترك، ترك ما نهى الله عنه، ويراد بها الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، الهجرة واجبة، حكمها باقٍ إلى قيام الساعة، ولا يجوز البقاء بين أظهر الكفار إلا لعاجز، والعاجز مستثنى بالنص، {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} [(٩٨) سورة النساء] هؤلاء مستثنون، أما من قدر على الهجرة فإنها تلزمه يهاجر إلى بلاد الإسلام، ومثل هذا قل: لو كان في بلاد بدعة ويوجد بلاد سنة، أيضاً الهجرة مطلوبة، بلاد معصية ويوجد بلاد أهل صلاح وتقوى الهجرة مطلوبة، إذا كثرت الفتن وخشي الإنسان على دينه يهاجر ويعتزل، ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنماً يتبع بها شعف الجبال، يفر بدينه من الفتن)) هذا من خشي على نفسه أن يتأثر، ولا يستطيع أن يؤثر بغيره مثل هذا ينتقل.
((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله)) اتحاد الشرط والجزاء معروف أنه في العربية لا يجوز، لا يجوز أن تقول:(من قام قام) و (من قعد قعد)، لا بد من اختلاف الشرط مع الجزاء؛ لأنه كيف يكون جواب الشرط هو فعله؟ فلا بد حينئذٍ من التأويل، من التقدير هنا، كانت هجرته إلى الله ورسوله نيةً وقصداً فهجرته إلى الله ورسوله ثواباً وأجراً مثلاً.