يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في هذا الحديث الذي يرويه من طريق أبي هريرة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ثلاثة حق على الله عونهم)) لما يترتب على هذه الحمالات التي تحملوها من نفعٍ عظيم، وأثرٍ بالغ، ((ثلاثة حق على الله عونهم: المكاتب يريد الأداء)) المكاتَب يريد الأداء، يعني ينوي الأداء، فإذا كانت هذه نيته، وكاتبه سيده بطلبٍ منه يريد الحرية ليتعبد من غير تقييد فالله -جل وعلا- يعينه، فإذا أراد العبد أن يتحرر بالكتابة من قيود الرقّ ليعبد الله -جل وعلا- ولينفع نفسه وغيره، وهو مع ذلك يريد أداء نجوم هذه الكتابة فإن الله -جل وعلا- يعينه، ومثله من تحمل بعض الديون لحوائجه الأصلية وهو يريد أداءها، بخلاف من أخذ أموال الناس تكثراً، ومع الأسف الشديد لا يحسب أي حساب للدين، فتجده يتخبط ويضطر إلى أن يستدين، ويرهق نفسه بالديون ونيته -والله أعلم- بها عاد كونه يريد الأداء أو لا يريد، هو تسبب في إغراق نفسه بالديون، نعم يختلف الأمر فيما إذا كان يريد الوفاء أو لا يريد الوفاء، يريد إتلافها أتلفه الله؛ لكن إذا لم يكن هناك سبب لتحمل هذه الديون فالدين خطر، شغل الذمة خطر، فإذا كانت الشهادة وهي القتل في سبيل الله تكفر كل شيء إلا الدين، فالدين شأنه عظيم، وقد امتنع النبي -عليه الصلاة والسلام- من الصلاة على المدين حتى ضمن الدين، وعلى هذا من تحمل الدين لحاجة مع نية الوفاء حكمه حكم هذا المكاتب، ومثل ذلك المتزوج يريد العفاف، وذلك لما في الزواج من مصالح دينية ودنيوية، وهو من سنن المرسلين، وأوجبه بعض أهل العلم مطلقاً، وإن كان حكمه تنتابه الأحكام الخمسة عند جمعٍ من أهل العلم، وعلى كل حال فمن رغب عنه فقد رغب عن السنة، ولو قال: ليتفرغ للعلم، ولو قال: ليتفرغ للجهاد، ليتفرغ للعبادة هذا عبادة، ((وفي بضع أحدكم صدقة)) وهو أيضاً تعاون على البر والتقوى، وهو أيضاً إبقاء للنوع الإنساني، وهو أيضاً تحقيق لأمره -عليه الصلاة والسلام- بالتكاثر، وقد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالزواج، ولا يتحقق هذا الأمر بمجرد العقد، ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) هذا أمر، ويختلف العلماء في حقيقة الزواج وحقيقة