النكاح، هل هي العقد أو الوطء أو هما معاً أو حقيقة أحدهما مجاز في الآخر؟ الخلاف طويل؛ لكن الذي قرره شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أن امتثال الأمر لا يتحقق إلا باجتماع الأمرين، ((فليتزوج)) لو قال شاب: نعم النبي -عليه الصلاة والسلام- قال:((من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) أنا عقدت، حققت الأمر وخرجت من عهدة هذا الأمر إذاً أطلق قبل الدخول، نقول: لا يا أخي، لا بد من تحقق الأمرين، وهذا في النكاح المأمور به كما يقول شيخ الإسلام لا بد من الأمرين معاً، أما النكاح المنهي عنه فالنهي ينصرف إلى العقد وحده، وإلى الوطء وحده، وإلى الأمرين من باب أولى، فمثلاً {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} [(٢٢) سورة النساء] قد يقول: المراد به العقد؛ لأن حقيقة النكاح العقد، إذاً العقد هل يتصور أن الشرع يحرم العقد ويبيح الوطء؟ أو يقول مثلاً: المراد حقيقة النكاح الوطء إذاً أعقد، لا بد من اجتناب الأمرين معاً، وتيمور لما أعلن الدخول في الإسلام، وهو ظالم باغي معتدي أعلن الإسلام وتحته نساء أبيه، فقال علماء الإسلام: لا يجوز أن تبقى نساء أبيه في عصمته بعد إسلامه، فخشوا من سطوته وردته -إن كان أسلم حقيقة والله يتولى السرائر- وبطشه وانتقامه من المسلمين، فقام واحد من أهل العلم قال: نجد له مخرج لأن الضرر متحقق، وهو أن نقول: أن عقد أبيه على هؤلاء النسوة باطل، كانوا كفار، فعقد أبيه على هؤلاء النسوة باطل؛ لكن هل يسوغ له أن يطأ هؤلاء النسوة اللاتي وطأهن أبوه ولو بعقدٍ باطل؟ لا يجوز هذا بحال، هذا رأى من المصلحة العامة للأمة أنه يترك، مفسدة خاصة به وبنسائه أسهل من مصلحة عامة جائحة بالأمة، وبعض أهل العلم يصير عندهم من الجرأة مثل هذا، ويتفاوتون في تقرير المصالح والمفاسد؛ لكن لا شك أن مثل هذه الفتوى إن لم يكن الضرر متحققاً والبلى متعدياً على الأمة وإلا فهي فتوى باطلة، وإن قال بعضهم أنها عين الفقه.