حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كل واشرب)) هذا أمر معلوم أن كل إنسان لا بد أن يأكل، ولا بد أن يشرب، ولا بد أن يلبس، وعليه أن يتصدق؛ لكن مع ذلكم لا بد أن يتوسط في أموره كلها من غير سرفٍ ولا مخيلة، عليه أن يأكل ويشرب {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ} [(٣١) سورة الأعراف] ولذا قال: ((من غير سرف)) من غير مجاوزة للحد، من غير تبذير، فإن المبذرين كانوا إخوان الشياطين، ((ولا مخيلة)) لا تختال في ذلك على الناس، ولا تتكبر عليهم، ولا تغتر بمدحهم ولا ثنائهم، إنما عليك أن تلاحظ خالقك وما يرضيه، أما أن تأكل وتشرب من أجل أن يقال، ومن أجل أن، تلبس ومن أجل أن يقال، كل هذا لا قيمة له، عليك أن تتوسط في أمورك كلها، في أكلك، في شربك، في لبسك، في صدقتك، يأتيك الرجل يطلب، محتاج مبلغ يسير تعطيه أضعاف أضعاف مضاعفة لهذا المبلغ، القدر الزائد اصرفه لآخر، لا تسرف في مثل هذا، ((ولا مخيلة)) لأن بعض الناس وجد، نسأل الله العافية من بعض التجار أنه إذا كان بين زملائه وأقرانه يأتيه الفقير يعطيه المبالغ الكبيرة، وإذا كان بمفرده قد لا يعطيه شيئاً، أو يعطيه شيء يسير، هذا أمر خطير، بل تعدى الأمر عند بعضهم أن يصرف للفقير شيك، اصرفوا لأمر فلان مبلغ مائة ألف، ينصرف المسكين، ويدخل هذا يكلم على التلفون يحجز المبلغ، نسأل الله السلامة والعافية، يصل الأمر إلى هذا الحد عند بعض الناس؟ واحد بين الزملاء جاءه سائل، فأحضر له كيساً كبيراً مملوء بالدراهم مربوط، وقال: استلم، يوم طلع الفقير هذا وإذا هن ريالات، الحاضرين يظنونها مليون، وهي ثلاثة آلاف من فئة ريال، مثل هذه الأمور يخشى على الإنسان من أن ينتكس، من أن يسلب هذه النعمة، من أن يتكفف الناس بدلاً من أن يكون محسناً إليهم، نسأل الله العافية والسلامة.
الحديث الخامس والتسعون: عن أبي ذرٍّ -رضي الله عنه- قال: قيل: يا رسول الله، أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده -أو يحبه- الناس عليه؟ قال:((تلك عاجل بشرى المؤمن)) [رواه مسلم].