للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث السادس: حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)) المسلم من اتصف بهذا الوصف، وهو الإسلام الذي لا يقبل الله -جل وعلا- ديناً سواه، من استسلم لله -جل وعلا-، وانقاد له ظاهراً وباطناً، هذا المسلم حقيقته من سلم المسلمون من لسانه ويده، بعد أن قام بالأركان التي استحق بها أن يكون مسلماً، فالمسلم الكامل الإسلام من سلم المسلمون من لسانه ويده، والتنصيص على بعض الخصال التي هي من مقتضيات الإسلام للاهتمام بها، والعناية بشأنها، ولكون بعض الناس ممن انتسبوا إلى الإسلام يتساهل فيها، فاحتيج إلى التنصيص عليها، المسلم من سلم، والمهاجر من هجر، والمؤمن من أمن، والمجاهد من جاهد، نرى الاتفاق بين الوصف والموصوف، بين الوصف والموصوف، فالمسلم من سلم، فالسلامة في الإسلام، السلامة في الإسلام في الدنيا والآخرة، والأمن في الإيمان وهكذا، ولا شك أن الاشتراك في أصل المادة يدل على الاشتراك في أصل المعنى، ولذا قال: ((المسلم من سلم المسلمون)) وأيضاً التنصيص على المسلمين للاهتمام بشأنهم والعناية بهم، وأنهم أولى من غيرهم في ملاحظة هذه الأمور، وهي السلامة مما يؤذيهم من قبل إخوانهم المسلمين، وإن كان الوصف لا مفهوم له، وإنما نص على المسلم لكونه أولى ما تنبغي العناية به، وإن كان من دخل في عهد المسلمين وفي أمانهم له من الحقوق ما يوجب عدم التعدي عليهم والإضرار بهم، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه، في الحديث قال: ((من لسانه)) ولم يقل من كلامه، من لسانه ليشمل ما جميع ما يمكن أن يصدر من اللسان من قول أو حركة؛ لأن المسلم قد يسيء إلى آخر؛ لأن الشخص قد يسيء إلى غيره بلسانه من غير أن يتكلم، يعني إذا كان الشخص يخشى أن يضبط عليه شيء من كلامه ويشهد عليه أساء إلى غيره بلسانه باستهزاء أو سخرة وهمز ولمز بلسانه، فهذا أعم من الكلام، ولذا قال: ((من سلم المسلمون من لسانه)) فلا يجوز للمسلم أن يتعدى على غيره بقولٍ أو أي حركةٍ يزاولها بلسانه مما يؤذي غيره به، وعظم الإنسان شأن اللسان وأنه يورد الإنسان موارد الهلاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>