للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول ابن دقيق العيد: "أعراض المسلمين حفرة من حفر النار، وقف على شفيرها العلماء والحكام"، فالعلماء مضطرون للكلام في الناس جرحاً وتعديلاً وقبول للشهادات لا شك أنها مزلة قدم، وهم مع ذلك مضطرون فكيف بشخص لا تدعو الضرورة إلى أن يتكلم في فلان أو علان؟ بحيث يعمل الأعمال الصالحة أمثال الجبال ثم يأتي مفلساً يوم القيامة، شتم هذا وقذف هذا، أخذ مال هذا، تكلم في عرض هذا، هذا فلان يأخذ من حسناته وفلان من حسناته، والله المستعان، حديث المفلس لا يخفى عليكم، فلننتبه إلى هذا أشد الانتباه، ولنستعمل هذه النعمة، نعمة النطق فيما يرضي الله -جل وعلا-، وهذا هو شكرها، ولو نظرنا إلى فئام من الناس سلبوا هذه النعمة لا يتكلمون، وفي الغالب أن الذي لا يتكلم أصم، فإذا سلب نعمة السمع والكلام في السابق وجوده قريب من عدمه، ورأينا الصم البكم رأيناهم في مواضع الخير لا وجود لهم إلا نادراً؛ لكن الآن وقد تيسرت الأمور يشاركون مشاركةً تامة، التقينا بهم في المناسبات مراراً لا ينقصهم شيء، يفهمون ويعبرون بطرقهم المناسب وبالإشارات لا ينقصهم شيء في كثير من تصرفاتهم أسرع من الذين يتكلمون، فإذا كان هذا الشخص لا يتكلم ولا يسمع ومن العجائب أنه يوجد شخص لا يتكلم ولا يسمع وهو أعمى في الوقت نفسه، هذا كيف يصل إليه العلم والخير، وقد حضر في مجلس كنت أنا موجود فيه فتكلم بكلمة أثرت في جميع الحاضرين لمدة ساعة، أمر عجب، وهذا شخص تعني تكليفه ما هو مثل تكليف الذي يسر الله له النطق، فلماذا لا نشكر هذه النعمة ونصرفها فيما ينفعنا في الدنيا والآخرة؟ وبدلاً من القيل والقال، قال الله وقال رسوله، علم الناس الخير، تعلم أولاً ثم علم غيرك، وأسدي النصيحة لغيرك، والله المستعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>