للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

((وبيده)) فلا يجوز للمسلم أن يتعدى على غيره، لا على نفسه وبدنه ولا على ماله، ولا على ولده، لا يجوز له أن يتعدى ويظلم غيره، فإذا كف الإنسان لسانه عن إخوانه، كف لسانه عما حرم الله عليه، وكف يده فلم يستعملها إلا فيما يرضي الله -جل وعلا-، أو فيما يحتاج إليه، وبإمكانه أن يستعمل هذه الحاجة العادية التي يحتاجها في حياته اليومية بمزاولة يده بإمكانه أن يجعلها عبادة بالنية الصالحة، يرفع اللقمة لفمه ليأكل ينوي بها التقوي على طاعة الله عبادة، يضع اللقمة في فيه امرأته يؤجر على ذلك بالنية الصالحة، وكثير من الناس يغفل عن هذا الباب، ولو استحضر النية في جميع تصرفاته لحصل على الأجور مما لا يخطر له على بال، ولكن الناس معطى ومحروم، والإنسان يسعى لإصلاح نفسه، وفيما يخلصها من عذاب الله -جل وعلا-، ومما يقربها من رضوانه.

((والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه)) عرفنا أن الهجرة هي الترك، وهي في الاصطلاح اصطلاح أهل العلم الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، وهنا (من هجر) يعني من ترك ما نهى الله عنه، المهاجر من هجر، التارك الحقيقي هو من ترك ما نهى الله عنه، وبهذا يتبين أهمية ترك المحظورات، ((إذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم)) (إذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتنبوه) هذا لا خيار فيه، أما المأمور بالاستطاعة، الأمور لأنه إيجاد، والترك لا يصعب إلا عند منازعة النفس شهواتها هذا أمر آخر؛ لكن يتصور أن الإنسان يعجز عن فعل المأمور؛ لكن لا يتصور منه أن يعجز عن ترك المحظور، لهذا يستدل من يقول: أن ترك المحرمات أعظم من فعل المأمورات؛ لأن فعل المأمورات فيه استثناء، ما استطعتم، مقرون بالاستطاعة، بخلاف ترك المحظورات، وهذا سيأتي الكلام عليه لاحقاً -إن شاء الله تعالى-.

<<  <  ج: ص:  >  >>