للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولو أكل يظن أن الفجر لم يطلع أو أن الشمس قد غربت ثم تبيَّن خلاف ظنه فصومه صحيح؛ لأنه جاهل بالوقت، وفي صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ قالت: أفطرنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم، في يوم غيم ثم طلعت الشمس (١) . ولو كان القضاء واجباً لبيَّنه صلى الله عليه وسلّم؛ لأن الله أكمل به الدين، ولو بيَّنه صلى الله عليه وسلّم لنقله الصحابة؛ لأن الله تكفَّل بحفظ الدين، فلما لم ينقله الصحابة علمنا أنه ليس بواجب، ولأنه مما توفر الدواعي على نقله لأهميته، فلا يمكن إغفاله، ولو أكل ناسياً أنه صائم لم يفطر، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه» . متفق عليه (٢) . ولو أكره على الأكل، أو تمضمض فتهرَّب الماء إلى بطنه أو قطر في عينه، فتهرَّب القطور إلى جوفه، أو احتلم فأنزل منيًّا فصومه صحيح في ذلك كله لأنه بغير اختياره.

ولا يفطر الصائم بالسواك بل هو سُنَّة له ولغيره في كل وقت في أول النهار وآخره، ويجوز للصائم أن يفعل ما يخفف عنه شدة الحر والعطش كالتبرد بالماء ونحوه، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم «كان يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش» (٣) . وبَلَّ ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ثوباً فألقاه على نفسه وهو صائم (٤) ، وهذا من اليُسر الذي كان الله يريده بنا ولله الحمد والمِنَّة على نعمته وتيسيره.

الفصل الخامس في التراويح


(١) صحيح البخاري كتاب الصوم (١٩٥٩) .
(٢) صحيح البخاري كتاب الصوم (١٩٣٣) ومسلم كتاب الصيام (١١٥٥) .
(٣) سنن أبي داوود كتاب الصوم (٢٣٦٥) .
(٤) ذكره البخاري تعليقا في كتاب الصيام قبل الحديث.

<<  <   >  >>