سألت ان أكتب اليك كتابا أصف فيه خلالا تصحب بها أهل زمانك وتودي إليهم ما يحق لهم عليك وتسأل الله عز وجل الذى لك، وقد سألت عن أمر جسيم الناظرون فيه اليوم المقيمون به قليل بل لا أعلم مكان أحد وكيف يستطاع ذلك؟ وقد كدر هذا الزمان إنه لسشتبه الحق والباطل ولا تنجو من شره إلا من دعى بدعاء الغريق فهل تعلم مكان أحد هكذا؟ وكان يقال: يوشك أن يأتي على الناس زمان لا تقر فيه عين حكيم فعليك بتقوى الله عز وجل والزم العزلة واشتغل بنفسك، واستأنس بكتاب الله عز وجل واحذر الامراء وعليك بالفقراء والمساكين والدنو منهم فإن استطعت ان تأمر بخير في رفق، فان قبل منك حمدت الله عز وجل وان رد عليك أقبلت على نفسك، فإن لك فيها شغلا.
واحذر المنزلة وحبها فإن الزهد فيها اشد من الزهد في الدنيا.
وبلغني ان أصحاب مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانوا يتعوذون ان يدركوا هذا الزمان وكان لهم من العلم ما ليس لنا فكيف بنا حين ادركنا على قلة علم وبصر وقلة صبر وقلة أعوان على الخير مع كدر الزمان وفساد من الناس وعليك بالامر الاول والتمسك به وعليك بالخمول فان هذا زمان خمول.
وعليك بالعزلة وقلة مخالطة الناس.
فان عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال:(إياكم والطمع فان الطمع فقر واليأس غنى) وفى العزلة راحة من خلاط السوء وكان سعيد بن المسيب يقول: (العزلة عبادة) وكان الناس إذا التقوا انتفع بعضهم ببعض.
فأما اليوم فقد ذهب ذلك والنجاة في تركهم فيما نرى وإياك والامراء والدنو منهم، وإن تخالطهم في شئ من الاشياء إياك ان تخدع فيقال لك: تشفع فترد عن مظلوم أو مظلمة.
فان تلك خدعة ابليس وانما اتخذها فجار القراء سلما.
وكان يقال: اتقوا فتنة العابد الجاهل وفتنة العالم الفاجر، فان فتنتهما فتنة كل فتون