وَقَالَ دَاوُدُ: الْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقُ بِالْوَرِقِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، هَذِهِ السِّتَّةُ الْأَصْنَافُ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْهَا بِجِنْسِهِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْهَا بِجِنْسِهِ وَلَا بِغَيْرِ جِنْسِهِ مِنْهَا نَسِيئَةً وَمَا عَدَا ذَلِكَ كُلِّهِ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ نَسِيئَةً وَيَدًا بِيَدٍ، مُتَفَاضِلًا وَغَيْرَ مُتَفَاضِلٍ؛ لِعُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] فَكُلُّ بَيْعٍ حَلَالٌ إِلَّا مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَحْكُمْ لِشَيْءٍ بِمَا فِي مَعْنَاهُ وَلَمْ يَعْتَبِرِ الْمَعَانِيَ وَالْعِلَلَ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَهُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ إِلَّا طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مُبْتَدَعَةُ ابْنِ سَيَّارٍ النَّظَّامِ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُ، وَأَمَّا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَلَفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَقَدْ ذُكِرَ حُجَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَمَا اعْتَلَّ بِهِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَالْأَثَرِ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ هَا هُنَا، وَأَمَّا دَاوُدُ فَلَمْ يَقِسْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْمَذْكُورَاتِ السِّتِّ فِي الْحَدِيثِ غَيْرَهَا، وَرَدَّ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ هَذَا الْقَوْلَ وَحَكَمُوا لِكُلِّ شَيْءٍ مَذْكُورٍ بِمَا فِي مَعْنَاهُ وَرَدُّوا عَلَى دَاوُدَ مَا أَصَّلَ بِضُرُوبٍ مِنَ الْقَوْلِ، وَأَلْزَمُوهُ صُنُوفًا مِنَ الْإِلْزَامَاتِ يَطُولُ ذِكْرُهَا لَا سَبِيلَ إِلَى الْإِتْيَانِ بِهَا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَحُجَجُ الْفَرِيقَيْنِ كَثِيرَةٌ جِدًّا مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ قَدْ أَفْرَدُوا لَهَا كِتَابًا "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute