للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٩٧ - وَذَكَرَ ابْنُ مُزَيْنٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: «لَيْسَ كُلَّمَا قَالَ رَجُلٌ قَوْلًا وَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ يُتَّبَعُ عَلَيْهِ» يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: ١٨] فَإِنْ قَالَ: قِصَرِي وَقِلَّةُ عِلْمِي يَحْمِلُنِي عَلَى التَّقْلِيدِ، قِيلَ لَهُ: أَمَّا مَنْ قَلَّدَ فِيمَا يَنْزِلُ بِهِ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ عَالِمًا بِمَا يَتَّفِقُ لَهُ عَلَى عِلْمِهِ فَيُصْدِرُ فِي ذَلِكَ عَمَّا يُخْزِهِ بِهِ فَمَعْذُورٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ وَأَدَّى مَا لَزِمَهُ فِيمَا نَزَلَ بِهِ لِجَهْلِهِ وَلَا بُدُّ لَهُ مِنْ تَقْلِيدِ عَالِمِهِ فِيمَا جَهِلَ؛ لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْمَكْفُوفَ يُقَلِّدُ مَنْ يَثِقُ بِخَبَرِهِ فِي الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالُهُ هَلْ تَجُوزُ لَهُ الْفَتْوَى فِي شَرَائِعِ دِينِ اللَّهِ؟ فَيَحْمِلُ غَيْرَهُ عَلَى إِبَاحَةِ الْفُرُوجِ وَإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَاسْتِرْقَاقِ الرِّقَابِ وَإِزَالَةِ الْأَمْلَاكِ وَتَصْيِيرِهَا إِلَى غَيْرِ مَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ بِقَوْلٍ لَا يُعْرَفُ صِحَّتُهُ وَلَا قَامَ لَهُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُقِرٌّ أَنَّ قَائِلَهُ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ وَأَنَّ مُخَالِفَهُ فِي ذَلِكَ رُبَّمَا كَانَ الْمُصِيبَ فِيمَا خَالَفَهُ فِيهِ، فَإِنْ أَجَازَ الْفَتْوَى لِمَنْ جَهِلَ الْأَصْلَ وَالْمَعْنَى لِحِفْظِهِ الْفُرُوعَ لَزِمَهُ أَنْ يُجِيزَهُ لِلْعَامَّةِ وَكَفَى بِهَذَا جَهْلًا وَرَدًّا لِلْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦] وَقَالَ: {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٢٨] وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَا لَمْ يُتَبَيَّنْ وَلَمْ ⦗٩٩٦⦘ يُسْتَيْقَنْ فَلَيْسَ بِعِلْمٍ وَإِنَّمَا هُوَ ظَنٌّ وَالظَّنُّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا، وَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

١٨٩٨ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «فِيمَنْ أَفْتَى بِفُتْيَا وَهُوَ يَعْمَى عَنْهَا أَنَّ إِثْمَهَا عَلَيْهِ»

١٨٩٩ - وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ فِي فَسَادِ التَّقْلِيدِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنِ الْإِكْثَارِ "

<<  <  ج: ص:  >  >>